رغم أنف العدو .. يصل الملايين ليحتفلوا

رغم أنف العدو.. سيصل الملايين ويحتفلون
مهرجان الانتصار: حماسة وترقب
إيلاف 16 أكتوبر
عماد الدين رائف
تضع الضاحية الجنوبية لبيروت لمساتها الأخيرة على الساحة المهيبة التي يقدر لها أن تضم أكبر كمّ من اللبنانيين تم حشدهم في احتفال شعبي حتى الآن. في منطقة الجاموس قطعة أرض شاسعة المساحة لم تغزها ثقافة الباطون بعد، بقيت قطعة الأرض هذه عصية على المد العمراني العشوائي الذي يفتقر إلى تنظيم مدني، كما معظم أحياء الضاحية الجنوبية. ويعود الفضل في ذلك إلى رفض مدام شدياق بيع هذه القطعة التي آلت إليها كإرث للعائلة المسيحية المحافظة في بلدة الحدت، التي تتبع منطقة الجاموس إليها إدارياً.على الجانب الآخر من البلد، يتم الحشد إعلامياً وبدون ساحة محددة حتى الآن، بغية التقليل من أهمية مهرجان الجمعة، فتطلق محطات التلفزة الرئيسية لـ 14 آذار حملة عنيفة على المقاومة وانتصارها وسيدها، جامعة كل الأصوات والمواقف المعادية لحزب الله وحلفائه من جهة، ومركزة على تفريغ الانتصار من محتواه "المقدس"، وتجريده من بعديه العربي والإسلامي قدر مستطاعها.
الشارع المنتصر
سرت الشائعات كالنار في الهشيم عن تصميم إسرائيل على اغتيال السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، أثناء إلقائه لخطابه المنتظر يوم الجمعة في مهرجان الانتصار، الذي دعا الجماهير إليه. يقول علي (23 عاماً): "سأحضر المهرجان يوم الجمعة حتى لو ألقت إسرائيل أطناناً من المتفجرات، كما كانت قد فعلت في الضاحية أثناء عدوانها الأخير، حتى لو كنت من بين المستشهدين فذلك فخر لي، لكن الإسرائيلي أجبن من أن يفعلها". يضيف رضا (21 عاماً): "بعد الدرس الذي لقنته المقاومة لإسرائيل خلال 33 يوماً من العدوان، استعملت فيه إسرائيل كل الأسلحة الأمريكية بدعم من المجتمع الدولي ولم يكن هناك محرمات، لا أظن أن الطائرات الإسرائيلية ستقصف الاحتفال، لكن إسرائيل ستعمد إلى عملائها في الداخل في حالات كهذه، لكن الحمد لله الشباب منتبهين جيداً".
وجهة النظر هذه لا تنساق على سماح (18 عاماً) فهي ستحضر الاحتفال على الرغم من يقينها بأنها ستكون بعده شهيدة، تقول: "يسعدني جداً أن أنضم إلى قافلة الشهداء يوم الجمعة، إن هذه الحرب لن تنتهي مع العدو، فكما يقول الإمام الخميني اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر".
فلسطينيو لبنان ليسوا أقل حماسة من إخوانهم اللبنانيين من مناصري حزب الله، يقول خالد: "يتم الحشد للمهرجان في المخيمات الفلسطينية للمشاركة بفعالية وبحضور كبير، فهذا النصر إنما هو نصر للأمة كلها، بمسلميها ومسيحييها، وقد رفع حزب الله رأس كل مسلم وكل شريف في العالم بانتصاره المتكرر على أقوى جيش في الشرق الوسط، وهذا وعد من الله تعالى حيث يقول: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، وها هو الله ينصر حزبه ويثبته في الأرض". عبد (20 عاما)، صديق خالد، يقول: "سيخرج المخيم – أي مخيم برج البراجنة – كله للمشاركة في هذا اليوم العظيم، ويجب أن يثبت في ذاكرة كل العرب يوم 14 آب على انه يوم الانتصار على إسرائيل، ويجب ألا ننسى أن أهلنا في الداخل الفلسطيني معناً أيضاً، بقلوبهم وعقولهم، وإن كانوا لا يستطيعون الوصول للمشاركة في الاحتفال"."بطبيعة الحال، لن يقتصر الحضور على جماهير حزب الله، ستحشد أحزاب وفوى وتجمعات وطنية كثيرة مناصريها من الجنوب إلى البقاع فالجبل والشمال، للمشاركة في هذا المهرجان"، كما يقول فراس (27 عاماً). فهو على حد قوله، يساري الانتماء وقد لا يوافق حزب الله في كثير من خياراته، إلا انه سيحضر مع "رفاقه" المهرجان تعبيراً عن وفائه للشهداء و"للقضية كلها". كذلك ندى، التي تعتبر أن المواطنين ليسوا أبواقاً للزعماء والسياسيين في لبنان، ولكل شخص خياره أن يعبر عن الموقف الذي يريده، والذي قد يكون قد توصل إليه بقناعته الشخصية بمعزل عن التصريحات والخطابات التي يطلقها الزعماء من على منابرهم". هي ستحضر المهرجان لاقتناعها بصوابية وجهة نظر حزب الله في هذه المسألة، أي المقاومة ضد المحتل الإسرائيلي والانتصار عليه، على الرغم من عدم قناعتها بكثير من مواقف الحزب. أما فادي فيقول: "ينقسم الشارع بين أناس منتصرين مرفوعي الرؤوس لا يخافون الموت، وبين أناس يحاولون إقناع أنفسهم بالهزيمة لأنهم لم يتعودوا على طعم الكرامة"، فادي مسيحي لكنه سيكون في مقدمة الزاحفين إلى الضاحية، كما يقول.

الشارع الآخر.. "الدولي"
خاص إيلافأجواء التململ من المهرجان بدت واضحة على جلال (25 عاماً)، فهو بالتأكيد لن يحضر الاحتفال كونه أحد مناصري تيار المستقبل، و "يبدو أن هذا المهرجان كغيره من الدعاية الموجهة التي يقوم بها أنصار النظامين السوري والإيراني في لبنان، وتهدف إلى إلغاء المحكمة الدولية وتغييب إنجازات الرئيس الشهيد رفيق الحريري في لبنان والعالم، لكن بحمد الله سيبقى المجتمع الدولي إلى جانب لبنان وحكومته في هذه المرحلة الصعبة، وإلى النهاية حتى تظهر الحقيقة". هذه النهاية يحدثنا عنها سمير (31 عاماً)، يقول: "لم يعد مقبولا أن يبقى السلاح في يد أحد غير الشرعية، أي الجيش اللبناني وقوى الأمن، إن سلاح المخيمات الفلسطينية وسلاح حزب الله يشكلان عائقاً أمام تقدم الدولة، وسيكونان عائق أيضاً أمام إعادة الإعمار في لبنان". سمير، خالد، جلال، ومهى من ابناء الطريق الجديدة في بيروت، تقول مهى: "بالطبع لن اشارك في الاحتفال أو في غيره من الأنشطة التي لا أحبها، إن التحضير لاستقبال شهر رمضان هو أفضل عند الله من المشاركة في أي نشاط آخر!!".
يبدو انه يكفي أن يتابع الشخص نشرة الأخبار المسائية، وبعض البرامج السياسية "الحوارية" ليعرف ما الذي سيسمعه من هذا الشارع أو ذاك في اليوم التالي. كثير من الشباب لا يجد نفسه في عداد حزب الله ومناصريه الحزبيين، لكنه يذهب ليحتفل بالنصر مع المقاومة التي استطاعت أن تهزم إسرائيل "الجبارة"لأول مرة في تاريخها، كما يقول سامي وبلال. شبان آخرون تحدثوا عن هامش الحرية الفكرية المصادرة في ظل غياب شارع ثالث يمكنه أن يفصل بين هذين الشارعين، ويكون له رأي مستقل. في ظل هذا الوضع تجد كثيرين كذلك، هم مع المحكمة الدولية وجلاء الحقيقة في حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وكل الاغتيالات التي سبقت 14 شباط 2005 وتلته، ومع عدم تدخل أي من الأنظمة الأخرى في لبنان وسياساته وخياراته؛ لكنهم في الوقت عينه مع السيد حسن نصر الله في مواقفه التاريخية التي "تحققت على أرض الواقع نصراً يصعب تفريغه من محتواه أو فصله عن آمال الملايين من المسلمين والعرب المتعطشين إلى لحظة حرية، وذرة كرامة". كما تقول رولا (27 عاماً). يتابع رامز (25 عاماً): "حتى لو فصلنا مسألة الاحتفال عن أي جدل سياسي في البلد اليوم، فالواقع يقول إن المقاومة كسرت المعادلة، ويم الجمعة ستحتفل بالنصر، وسيأتي ملايين من اللبنانيين.. ورغم أنف العدو سيحتفلون".
ingowaee@hotmail.com

Comments