ثقافة سلام

أطلق الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون أمس، العد التنازلي ‏لمئة يوم، حتى حلول "اليوم العالمي للسلام". ففي 21 أيلول من كل ‏سنة، "تدعو الأمم المتحدة جميع ‏المحاربين في أنحاء العالم، إلى‏ إلقاء ‏أسلحتهم وإتاحة فرصة حقيقية للسلام". وقد منح كي مون نفسه مئة ‏يوم "لعقد العزم على أن نتعلم معا كيف ننشئ ثقافة سلام‏‏".‏

تزامن ذلك مع تقرير للأمم المتحدة، تضمن أكثر من 93 ألف ‏شخص، قتلوا منذ بداية النزاع في سوريا. وتمكنت المنظمة من توثيق ‏‏6561 قاصراً على الأقل، بين القتلى، بينهم 1729 طفلاً تقل أعمارهم ‏عن العشرة أعوام. ولعلها توثق كذلك تداعيات المذبحة السورية على ‏لبنان.‏

اليوم، وفي أجواء ذكرى حصار بيروت، تأتي الاحتفالية 31، فقد ‏احتفل بها للمرة الأولى، بعد أيام من تدمير الكيان الصهيوني معظم ‏البنية المكانية لمدينة بيروت، ومسحه لثلثها عن الخريطة. وقد ‏استعملت إسرائيل في هجومها على العاصمة المحاصرة أسلحة محرمة ‏دولياً، بدءا من القنابل العنقودية والفوسفورية، مروراً بالنابالم وألعاب ‏الأطفال المفخخة، وانتهاء بقنابل بخار الوقود. وكانت الولايات المتحدة ‏الأميركية تكرر آنذاك وصفتها الدائمة "حق إسرائيل في الدفاع عن ‏نفسها"، مانعة جميع المبادرات التي قدمت لإيقاف القتل الجماعي ‏للمدنيين.‏
لم يكن غريباً آنذاك أن تنظر المنظمة الدولية بعينها الزرقاء الباردة، ‏من نيويورك، إلى أشلاء الأطفال في الحصار وقبله وبعده. عشرات ‏الحروب التي قتل فيها الأطفال في منطقتنا، بدم بارد، مرت خلال ‏العقود الثلاثة السابقة، أبشعها حروب أمراء الطوائف، وزعماء ‏الزواريب والدكاكين.. والتي لا تزال مستمرة في بلادنا.‏
فكم مئة يوم يحتاج أمراء الطوائف لدينا لإنشاء ثقافة. ثقافة ما، قبل ‏الوصول إلى "ثقافة سلام"؟
عماد الدين رائف - "جريدة السفير" - 14 حزيران 2013


Comments