ابتسامة مصادرة

وجه طفل مبتسم يملأ لوحة إعلانية، يستدر عطف العابرين، كي يتبرعوا لمؤسسة رعائية. الطفل يفترض به أن يكون يتيماً. ويفترض أن الجهة التي منحت المؤسسة الإذن بالإعلان، قد تحققت من أن الطفل يتيم.
الطفل لن يبقى طفلا.. سيكبر يوماً. سيتذكر أنه استعمل في إعلان.
وجوه أطفال آخرين بوضعيات مختلفة وابتسامات تلاحقك كيفما توجهت، تنتقل من اللوحات إلى الملصقات، والمطويات، والشاشات.
لم يعد مستغرباً تخلي الحكومات المتعاقبة عن حقها بترجمة مفهوم «الدولة الراعية» إلى واقع. هو حلم راود الفئات المهمشة منذ انتهاء الحرب الأهلية. فهللت الجمعيات المطلبية لاتفاق الطائف الذي فرض تسوية مرحلية بين أمراء الحرب والطوائف. اعتبرت تلك المنظمات أنه المفترق نحو الدولة.
إلا ان الطائف المعلق تطبيقه إلى أجل غير مسمى، بات يحتاج إلى «طائف» آخر. والفئات المهمشة باتت أكثر تهميشاً مع الزمن. والأطفال المهمشون مشكلتهم أنهم قد لا يدرون بتهميشهم.
لكن من يعلم كم عدد الأطفال الأيتام فعلاً في لبنان؟ كم عدد الجمعيات والمؤسسات التي تؤوي جزئياً أو كلياً أيتاماً؟ وكم عدد الأطفال في كل واحدة منها؟ وكم عدد الأيتام خارج أسوارها؟
لا أحد ينكر أن عمل المؤسسات ضرورة في ظل غياب الدولة. ضرورة ما دام الحديث عن تطبيق «اتفاقية حقوق الطفل» بلا جدوى في ظل الفراغ. إلا ان ذلك لا يبرر تحويل ابتسامات بريئة إلى مادة إعلانية.

Comments