عنف أسري

من دون استباق التحقيقات ومعرفة الظروف والملابسات، هزّت جريمة حلبا التي ذهبت ضحيتها رُلى يعقوب الضمائر. امرأة لبنانية أخرى، أمٌ وزوجة، قضت ضرباً، وفق تقارير أطباء شرعيين ومصادر أمنية. 
لكن قبل أن تتحول رُلى إلى اسم يختتم قائمة أسماء في إعلان صادم.. وقبل أن تشكل الجريمة مادة لحملات تناهض ما تسميه بـ«العنف الأسري». وقد يكون المقصود منه وفق ما توحي بياناتها، العنف الموجه من الزوج تجاه زوجته.
قبل ذلك، ربما يجدر بنا أن نلحظ أن الدول التي تمول تلك الحملات، والمشاريع والبرامج تحت مسميات جزئية أخرى، لم تصل مجتمعاتها إلى التقليص من أشكال العنف والتمييز عبر حملات توعوية وإعلانات متلفزة فحسب. إنما خاضت المرأة فيها، غمار الحياة العملية في الميادين التي خاضها الرجل. جميعها، من دون استثناء. فرضت المرأة بقوة الحركة النسائية فيها، حقوقها المشروعة، ورفضت جميع أشكال التمييز تجاهها. وأسست لعقد اجتماعي جديد لا يمكننا استيراده بسهولة. 
مجتمعنا عنيف يكاد ينعدم فيه قبول الآخر. العنف فينا متفش. الفرد لدينا عنيف مع نفسه، مع غيره، مع ربه.. في حركته اليومية، في البيت، والشارع، ومكان العمل.. ظروف الحياة في «سويسرا الشرق» عنيفة. بيئة العمل، الهيمنات السياسية والأمنية، الكنتونات التي تولد فجأة ومن دون مبرر، التصنيف المسبق للآخر، احتجاز الحريات.. دهاليز الدين والطائفة والمذهب، والتمذهب داخل المذهب.. كذلك «اللاعنفيون» عنيفون في طرح «لاعنفهم». 
الحملة والمشروع والإعلان، نقطة لا ترطب ظمأ صحرائنا المزمن. نحتاج إلى عقد اجتماعي جديد، كثيرون منا جديرون به. وحتى ذلك اليوم فلنترحم على روح رُلى وأخواتها.. فلقد قتلناهن جميعنا.. بعنفنا.
عماد الدين رائف

Comments