مفرقعات

حتى ساعة متأخرة من ليل أمس الأول، ملأت الأجواء أصوات انفجارات المفرقعات النارية، ابتهاجاً بنجاح عدد من التلامذة في امتحانات الأساسي التاسع الرسمية. تخلل أصوات المفرقعات، أزيز زخات رصاص من أسلحة حربية رشاشة. بعض «الأهالي» المبالغين بالابتهاج، أطلقوا العنان لمسدساتهم، فسمعت طلقاتها المتقطعة بين الحين والآخر، إلى جانب فوضى الأوركسترا الصاخبة.
جنونٌ يتخطى «الفرحان بنجاحو»، والقيمة الفعلية لشهادة استغنت عنها دول سبقتنا بمناهجها التعليمية. يتجاوز بأضعاف النسب المسموح بها علمياً لقدرة الآذان على استشعار الأصوات والتمييز في ما بينها. يتعدى «التلوث الصوتي» إلى الصدمة العصبية في ترقب لحظة الانفجار.
جنونٌ صرفت عليه أموال طائلة. البلديات ذكّرت بقرارات سابقة لها قضت بمنع المفرقعات النارية. بعض «الأوادم» ذكّروا بفتاوى دينية تحرم صرف الأموال على المفرقعات وإزعاج المواطنين بضجيجها. لكن لا القرارات أو الفتاوى، ولا الشتائم التي أطلقت عن الشرفات، صمدت أمام العدوى التي استشرت. الجنون انتقل من المبتهجين بأولادهم، إلى الأولاد، والجيران، وجيران الجيران. وعمت «الفرحة» الملتهبة كثيرين.
لكن خلف أصوات الانفجارات والأضواء الساطعة المتعددة الألوان والأشكال، اختفت أصوات السياسيين في الليل الرمضاني الطويل. السياسيون، و«المحللون السياسيون»، والمتسلقون على سلم التحليل السياسي، لم يأخذوا إجازة. لم يستريحوا. بل كانوا على الشاشات، بابتساماتهم العريضة وبكامل أناقتهم، عملوا كما هي عادتهم بجهد، كي يسلبوا ما تبقى من الأعصاب. لكنهم لم يفلحوا هذه المرة. إذ إنهم كانوا صورة بلا صوت. بدوا مضحكين... ربما، تلك هي الفائدة الوحيدة لجنون المفرقعات.
عماد الدين رائف

Comments