شهر الصوم

يختلف المسلمون في تحديد بدء شهر الصوم، و«اختلافهم رحمة»، إن لم يتم توظيفه في زواريب المذهبية. الاختلاف، يعود إلى كيفية التيقن من «رؤية الهلال». منهم من يحددها بالرؤية بالعين المجردة، وهي الآلية التي كانت متبعة منذ القدم، حيث يُطلب من المواطنين والخبراء و"العلماء" التماس الهلال مطلع الشهر القمري. وإن تعذرت الرؤية يُلجأ إلى الاحتساب، حيث لا يزيد الشهر الهجري عن ثلاثين يوماً. 
آخرون لديهم فارق بسيط، يتمثل في مرور جزء معتد به من الليل على ولادة الهلال، بحيث يُلحظ في بلدان متحدة في الأفق. وقد يشكل ذلك السبب الرئيس في تأخر أعياد ومناسبات الطائفة الشيعية يوماً واحداً في الغالب، عن الطائفة السنية. 
فريق ثالث يعتمد الحسابات الفلكية التي تبتني على العلم والأجهزة المتطورة، حيث تعتبر تلك الحسابات لديه دليلاً «لا يمكن أن يرقى إليه الشك».
ولهم كذلك اختلافات أخرى تفصيلية، إلا أنه في المحصلة يولد الهلال لدى الجميع. ويحرص معظم المسلمين في بلد متعدد المذاهب، بحكم القرابة والجيرة والعيش الواحد، خلال شهر الصوم، على مشاعر بعضهم البعض. ويتفقون بالإجماع، بالرغم من الاختلافات، على أن الصوم يتعدى الامتناع عن الطعام والشراب، إلى صون اللسان عن الأذى للآخر، كائناً من كان ذلك الآخر.
اليوم، مع بداية «شهر الرحمة»، يتمنى كثيرون لو يمتنع السياسيون عن الكلام المباح وغير المباح، لأن كلامهم معظمه أذى.. لو أنهم يرحمون العباد، صباح مساء، من النفخ في أبواق الفتنة. لو أنهم لا يستغلون «الإفطارات الرمضانية»، وما أكثرها، للتحريض.. لو أنهم يصومون.
عماد الدين رائف

Comments