جوع النزوح

أسندت طفلة جنوبية نازحة لم تتجاوز السابعة من عمرها، ظهرها إلى أحد أعمدة جسر الكولا، والتصق وجهها بجداره. كانت تنظر إلى اللامكان.
حدث ذلك في مثل هذا اليوم، قبل سبع سنوات.
على بعد مئات الأمتار، عُقد اجتماع طارئ لمنسقي «مشروع الإغاثة» في زاروب منيمنة، المتفرع من شارع حمد. تقاطر إليه عدد من العاملين في «برنامج الطوارئ»، من مختلف المناطق. البعض وصل تحت النار، آخرون سلكوا دروباً حلزونية تتجنب الجسور المقصوفة، والطرق المستهدفة من آلة التدمير الإسرائيلية.
أقر الجميع بعجز كبير أمام وطأة تدفق النازحين، وإمكانية تلبية حاجاتهم. كانت قد تقطعت الاتصالات، والطرق، ونفدت المواد الغذائية، والمعينات الطبية.. والأنفاس.
صمت طويل ساد الاجتماع. كانت أصوات الانفجارات من الضاحية تتكفل ببث الحياة في الحديث المتقطع. أتى القرار. أن يعمل كلٌ من مكانه. وأن يلبي من الحاجات ما استطاع إلى ذلك سبيلا. هناك ودّع مناضلون مدنيون بعضهم البعض، حيث لا شيء كان يشي بأن الحرب ستنتهي. عشرون يوماً كانت قد انقضت من النزوح، والإجلاء، والإيواء، والتحركات المناهضة لهمجية الحرب.
أمس، وتحت جسر الكولا، وقفت طفلة سورية نازحة لم تتجاوز السابعة من عمرها، في المكان عينه. ما أشبهها بأختها الجنوبية.
كانت تنظر إلى السيارات العابرة. سيارات مكيفة، بعضها باهظ الثمن، يحمل لوحة سورية. الطفلة طواها الجوع، تتحين فرصة تحوّل إشارة السير إلى حمراء، كي تطلب ما يسد رمقها، بينما كانت شاحنات «سوكلين» تلتهم، من حاويات نفايات العاصمة، أطناناً من الطعام الرمضاني.
عماد الدين رائف

Comments