إفطار فاطمة

«أغرق في أنهار العرق طول النهار، وألمّ همّي في المسا وارقد عليه»، كلمات أحمد فؤاد نجم تنطبق على اللبناني اليوم. إلا أنه إن رقد، فلا يرقد بسلام.
هو شهر آب القائظ يأتينا بلا كهرباء. الليل الطويل مساحة إضافية للعرق والأرق، ولتذكر وعود أغدقت عن نور لم يصل. لا براد يعمل. لا مكيف، ولا حتى مروحة. وما يتوج السخرية السوداء، أن تقرأ إعلاناً عن حفل إفطار «على شرف أهل الصحافة والإعلام» من باخرة الطاقة «فاطمة غول سلطان»، مساء اليوم!
قبل ثلاثة أعوام، في آب 2010، حطت أخت «فاطمة»، باخرة «راوف باي»، رحالها في مرفأ بيروت. وجال وزير الطاقة جبران باسيل مع «أهل الصحافة والإعلام» على متنها، بعد تزيينها ببوالين ملونة، لينبئنا بمعجزة جديدة لم تكن في الحسبان. باخرة لـ «إنتاج الكهرباء». شيء رائع. المعجزة وصلت. ويبدو أن عدوى الساسة اللبنانيين مسّتها بقوة. تعمل حين تشاء. تتأفف من الفيول حيناً، تتظاهر بالإنتاج أحياناً. تصدر بيانات. وتدعو إلى إفطارات. والنتيجة لا تحتاج إلى خبراء أو «علماء».. لا كهرباء.
مواطن لبناني. يدفع فاتورة الكهرباء التي لا تصله. لا يهمه معنى الميغاواط، أو كلفته. أو نوعية الفيول، أو سعر النفط الثقيل المكرر. أو معنى استجرار الطاقة، وصعوباته. لا يهمه إن أتت الكهرباء عبر الغاز الطبيعي، أو عبر تقنيات تحويل البخار لإنتاج مياه تساعد شبكة التوليد. يهمه أن تصل الكهرباء. فقط.
والآن، بعد انضمام «فاطمة» إلى نادي الساسة، هل ستعلن عن أي مقعد نيابي ستترشح، في انتخابات مؤجلة؟ وعلى أي لائحة؟
عماد الدين رائف

Comments