ثمن السلام

يحتفل «ناشطون» غداً بـ«يوم السلام العالمي»، بنسخته الحادية والثلاثين. كانت الأمم المتحدة قد احتفلت به للمرة الأولى، بوجوه حليقة مبتسمة، وبربطات عنق وكلمات منمقة، على وقع أخبار مجزرة صبرا وشاتيلا في العام 1982. 
مضمون رسالة الاحتفال، أن «السلام والديموقراطية تجمعهما روابط عضوية، وأنهما يؤسسان معاً لشراكة تعود بالخير على المجتمعات». «سلام» وفق وصفة «الديموقراطية الأميركية»، التي يحفل سجلها بأفظع الأفعال المنافية للسلام. 
جمعتني الأقدار برجلين حملا رسالة سلام حقيقية، قلما يذكرهما أحد بكلمة. أحدهما، الرحالة السوري الراحل عدنان حسني تللو، صاحب كتاب «حول العالم على دراجة نارية»، الذي كان طفلاً في السابعة حين قصف الفرنسيون دمشق. 
ففي خمسينيات القرن الماضي، حين كانت فظائع الحرب العالمية ما تزال ماثلة للعيان، جاب تللو العالم لسبع سنوات على دراجته، التي حملت اسم «السد العالي». مرّ بأكثر من خمسة آلاف مدينة وقرية، إلى أن انتهت رحلته قسراً بحادث مؤسف في أفريقيا. 
أما الثاني، فهو الرباع الإيراني كيومرث عليمرداني، الذي انطلق من منزله على كرسيه المتحرك، في العام 2001، ولم تمنعه إعاقته من تحقيق حلمه في إيصال رسالة محبة وسلام إلى الدول التي مرّ بها، من تركيا إلى سوريا فلبنان، والأردن، نحو الخليج، قبل أن يعود إلى بلده.
بكلمات بسيطة، وبابتسامة دافئة، تحدث تللو بلهجته الدمشقية عن رحلته على هامش معرض له، في العام 2005. عباراته تشبه إلى حد بعيد ما قاله كيومرث بفارسيته الكرمانية، حين كانت منطقتنا قيد الوضع على طاولة عمليات «الجرّاح» الأميركي، وهو يبدع شرق أوسطه الجديد.
كلمات عدنان وكيومرث الصادقة، لا تشبه بشيء ما سيقوله بان كي مون من على منبر المنظمة الدولية غداً.. احتفالاً بـ«السلام».

Comments