انفجار آخر

لا شيء يمنعكم من أن تجلسوا إلى طاولة. أن تبتسموا للكاميرات ابتساماتكم المعهودة. أن تمثلوا علينا لمرة أخرى، كما مثلتم دائما، فأنتم تجيدون ذلك. لن تنقص أموالكم المسروقة من جيوبنا، والمكدسة بين بنوك الداخل والخارج. لن تتأثر استثماراتكم العابرة للحواجز، والمناطق، والبلدان. لن تخسروا صوتاً واحداً في انتخابات مستقبلية مفترضة. سنقف في الطوابير من جديد لنصوّت لكم. سنصفّق لكم. سنهتف بحياتكم... بالروح بالدم، حتى تبح الحناجر، كما هي عادتنا. سنجدد مبايعتكم. وسنربي أولادنا كي يبايعوا أولادكم.
كل الأسباب التي أدت إلى التفجيرات الأخيرة بين ضاحية الفقراء وطرابلس الحرمان، لا تزال موجودة، بفضلكم. ونشركم للرعب يقتضي بأن نتخيل أن في كل سيارة متفجرة. وأن تحت كل حجر عبوة ناسفة ستنفجر. الرسم البياني للمخاوف إلى ارتفاع. وأنتم تجيدون توظيف مخاوف الناس. ولا حياة مع فقدان الإحساس بالأمان.
تتقنون فنون اللعب على الأعصاب. تعاونكم الشاشات في إعادة إحياء المشاهد الدموية كي لا ننسى للحظة أننا رهائن إماراتكم. تدفعنا الهواجس المستعرة إلى تقييد حركتنا أكثر فأكثر. تتزايد الأشرطة المزينة بـ«ممنوع الوقوف» في الشوارع حينا، والعوارض الحديدية أحيانا. وتغزو الأزقة حمّى زرع الأعمدة الحديدية المتصلة بسلاسل معدنية للتضييق على العابرين وأنفاسهم. أقفال معدنية في كل مكان. مفاتيح إضافية تضاف إلى علاقات مفاتيحنا. 
لا شيء يمنعكم من أن تجلسوا إلى طاولة. لا داعي لأن تتحاوروا. فقط اخرجوا ببيان مشترك على عتبة العام الدراسي الجديد. قولوا لنا إن الطريق إلى المدرسة آمنة. إن الباص لن ينفجر بأطفالنا... وإلا فاصمتوا... امنحونا بعض الهدوء لنواجه انفجاراً آخر.
عماد الدين رائف

Comments