عيب!

خسرنا وديع الصافي. خسارة جسيمة، شعر بها كل من سمع كلمات أغنياته الملونة بصوته الفريد «من المحيط إلى الخليج»، وأبعد من ذلك إلى كل أصقاع الدنيا. كان يستحق من لبنان الرسمي أكثر بكثير.. والتقصير مع وديع وأمثاله لا يمكن أن يكون إلا في خانة «المعيب».
فنانٌ كبير، حفظ كثيرون من الناطقين بالضاد أغانيه، وردّدوها باللهجة الجبلية المميزة، بالمعاني السامية. فكانت تلك الأغنيات إحدى بوابات عبور مفردات لهجتنا إلى القلوب. كان ويبقى أحد السفراء الكبار في ميدان الوصول إلى الآخر، مخترقاً حواجز اللغات.
نشر وديع، عبر أغنياته، بأمانة كبيرة ثقافة الخير، ودافع عن القيم. وعبّر عن «اللبناني الطيّب». رسم صورة مضيئة عن الفرح، الذي يتلازم وتراقُص صوتِه مع الألحان. أبدعت أغنياته في وصف بلادنا، وشعبنا، وطبيعتنا، وثقافتنا، وماضينا، وحاضرنا.. كان أحد رسل لبنان إلى البشرية.
شاهدتُ في أماكن مختلفة من هذا العالم سياسيين، يركضون في خدمة فنانين يحملون ثقافة شعوبهم إلى الأمم.
يشعر السياسيون في تلك البلدان بأهمية الفن، وبعظمة الفنان حامل الرسالة، وبصغرهم أمامه. بعض تلك البلدان أفقر من بلدنا. لكن سياسييها يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم عابرون، أما الفن الأصيل ورسالته فلا يزولان. يدركون أن الكلمة المغناة واللحن من أهم وسائل نشر الصورة الراقية عن بلدانهم.
يستحق وديع في وداعه أن تنكس الأعلام. أن يعلن الحداد الوطني. أن تخصص حصص مدرسية للتلامذة تتحدث عنه. أن تخلد ذكراه... أن يشعر ساسة الشاشات بتفاهتهم أمامه، وأمام أمثاله.
عماد الدين رائف

Comments