شمعة لأطفال قبعيت


حلّ العيد عيدين. 

ظاهر الانقسام طائفيٌ كالعادة. يتفنن رجال الدين من الطرفين في تظهير الانقسام، ويسوقون الأدلة النقلية والعقلية دعماً لرأي مذهبهم.. ولا يتفقون. ويبقى الانقسام انقساماً، والاختلاف اختلافاً، على الرغم من أن المنطقة تغلي فوق صفيح ساخن، يُلزم رجال الدين بالاتفاق على كلمة سواء.. يــــلزمهم بالتعقل، كي لا تدخل المصائب إلى كل بيــت. 
حلّ العيد عيدين.. إلا أن الانقسام الواقعي في مكان آخر، لا علاقة له بالطوائف. وربما لم تكن له علاقة بالطوائف ومذاهبها يوماً. 
العيد الأول لمن استطاع من الأهل إدخال البهجة إلى قلوب الأطفال بالقليل من العيديات، والثياب الجديدة، والحلويات.. لمن استطاع استحداث فرحة، ولو مفتعلة في ظل التوتير السياسي المستمر، والتفجيرات المتنقلة، والعبوات التي تنفجر وتلك التي تفكك في آخر لحظة.. والأزمة المعيشية التي لا يُراد لها أن تنتهي.. والضغط المستمر على الأعصاب. لمن افتعل ابتسامة ورمى بأثقال الحياة إلى يوم آخر.. لمن مارس طقوس العيد رافضاً مبدأ الترهيب السياسي والأمني والمعيشي. 
وهناك «عيد» ثان، حلّ مرّاً على من لم يستطع تأمين ذلك.. أو غلبته ظروف قهر أخرى. 
«أحد عشر كوكباً» فقدتهم بلدة قبعيت في «عبارة الموت».. ألزموا أطفالها منازلهم ولم يعرفوا طعماً للفرحة. أحد عشر طفلاً ابتلعهم غدر الساسة قبل أن يبتلعهم البحر.. غيبهم الإفقار والتهميش قبل أن يغيبهم حلم أهلهم بغد أفضل.. غابوا، ليتشح جرد القيطع بالسواد.. لتزول الابتسامات في عكار الخير. 
حل العيد عيدين.. أناس يجترحون «البهجة» بما تيسر.. وآخرون ينظرون إلى العيد من بعيد.. ولا يدركونه.
عماد الدين رائف

Comments