أرواح للبيع

ما يصل من أخبار مرعبة عمّا آلت إليه أحوال النازحات السوريات، والقرى والبلدات التي استضافتهن، لا يمكن التعبير عنه إلا بـ"مأساة إنسانية". أما ما لا يصل، ويكون "التستر عليه أفضل"، فهو الكارثة بعينها.
كارثة تُحوِّل الفتيات القاصرات إلى سلع تباع وتشترى في "سوق نخاسة". أوراق قليلة من النقود للأهل إن وُجدوا. أما اليتيمات منهن، فأمرهن لله.
في بعض القرى المكتظة بالهاربات من جحيم الموت في سوريا، تقع النازحات، لا سيما القاصرات الجميلات منهن، في درك جحيم آخر. هي سوق تتلطى خلف "ورقة تين" وقعها رجل دين من هنا، أو "ولي أمر" من هناك.
ورقة يسمونها عقداً، يستمر لساعات أو أيام. "سوق نخاسة" في زي "شرعي"، على مرأى ومسمع من المسؤولين المحليين والدوليين، لكن لا حياة لمن تنادي.
الكارثة "ناتجة من ضآلة حجم المساعدات المقدمة بالمقارنة مع الأعداد المتزايدة للنازحين"، ذلك سبب رسمي معلن.
لكن الكارثة بالتوازي، ناجمة عن الفساد المستشري، والمعهود لبنانياً، في معظم الجمعيات والمنظمات والهيئات والمؤسسات التي تحوم حول النازحين، وتوظف المأساة لتدر عليها الأرباح.
وتلك الجهات لا ترى نفسها ملومة. فلا إمكانية محلياً لمواجهة ذلك النوع من الفساد. ويرى بعض المسؤولين أنه "ضروري"، كونه يمثل جزءاً لا يتجزأ من بنية البلد. والفساد بطبيعته، ليس خطاً مستقيماً، إنما "دورة". وحين تكتمل الحلقات، تدور الدائرة على الحلقة الأضعف. وبطبيعة الحال، يقع اللوم على الضحية.
الضحية ملومة لأنها نزحت أصلاً... ولم تمت!
عماد الدين رائف

Comments