داخل الدهليز

كيف يمكنك كـ«مواطن» أن تنجز معاملة، تحتاج إلى عدد من الأختام والتوقيعات، في الإدارات والوزارات؟
لا وجود لـ«موظف»، يمكنه أن يرسم لك على قصاصة خارطة طريق، تجنبك هدر الوقت والأعصاب. وما يشاع بين الحين والآخر عن توفر المعلومات، قد يكون «صحيحاً»، لكنه غير مجد.
إن كنت محظوظاً فستقع على «مواطن» لديه معاملة شبيهة، واستطاع أن ينجزها. سيدلك على بعض المسالك الممكنة داخل الدهليز. حينذاك تكتشف عالماً تحتياً.
فـ«الشكل القانوني» في الإدارات لا يتعدى «المنظر». والطريقة المتبعة لإنجاز ما تريد لا تلحظ وجوده أصلاً. والدهليز أكثر من «ضروري». هو بمثابة الجهاز الدموي، الذي لا يمكن فصله عن جسم الإدارات الفاسدة، «كي لا تموت». أكبر حجماً، أكثر أناقة، وفيه توفير للوقت والأعصاب، مع «دفعة بسيطة» عند كل خطوة. ويحتاج الدهليز إلى هيكل شرعي، يُسمى «الدولة»... والموظفون خارجه عملة نادرة.
«دولة القانون والمؤسسات» ليست أكثر من ورقة تين تخفي الدهاليز، لإضفاء «الشرعية». وللدهليز منطقه، وأدبياته. ويشكل مع إخوانه دهاليز الإدارات والوزارات الكتلة الحقيقية لجسم الدولة.
«سكانه» أوصلهم أمراء الحروب والطوائف، ومحاصصات دقيقة. طوال مدة إقامتهم ينهشون جسم «الدولة». ولا يغادر أحدهم من دون أن يترك مكانه لأحد أبناء رعيته. في حراكهم اليومي، لا دين لهم سوى الأوراق المالية، وتمرير الخدمات لمعارفهم ومعارف معارفهم.
أما أنت، وكل ما تعلمته في كتب التربية المدنية..، فتبدو مثيراً للشفقة، وأنت تصرّ على إنجاز معاملتك «بشكل قانوني».
عماد الدين رائف

Comments