عالقون في النفق


كمية كبيرة من التعليقات والصور الساخرة اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي، عن السيول التي تدفقت بفعل خيرات السماء المنهمرة، فـ«فضحت» للمرة الألف «الإهمال الرسمي المتمادي».
معظم تلك التعليقات أتى ليحمل «المسؤولين» المسؤولية. 
من مشهد العالقين على الطرق، إلى مشهد «مجمع الحدث الجامعي»، إلى مداخل العاصمة، والأوتوسترادات، والساحات العامة، التي تحولت إلى مستنقعات.. أتى المشهد الأكثر صدقاً من نفق المطار، حيث غمرت المياه سيارات الناس. ودفعوا الضريبة لأنهم صدف وجودهم على الطريق في المكان والزمان «الغلط».
وكما في كل سنة، تحلّ الشتوة كالمفاجأة - الكارثة. وكأنها لم تكن منتظرة. وكأن الشتاء لم يكن في الحسبان. 
وحيث لا يكون «المسؤول» مسؤولاً لا يمكن أن يكون «المواطن» مواطناً. والعكس صحيح. فلو كان «المواطن» مواطناً بحق، لما تجرأ أي «مسؤول» على الاستهتار بحياة المواطن وحياة أبنائه.
إلا أن ما حدث، ليس سوى نتيجة طبيعية لحال الدجل المتبادل والمتواصل التي نعيشها. 
اللبنانيون عالقون في النفق. نفق بارد رطب مظلم. تجاهلوا الضوء الذي يقع خارج النفق. تنازلوا عن حقوقهم، وعن أي أمل بمواطنيتهم، واختاروا أن يكونوا رعايا. 
نسبة قليلة منهم تحاول الخروج، لكن ما باليد حيلة. أما معظمهم، فلا يتذكرون الحقوق إلا عندما يعون فعلاً كونهم رعايا في نفق. وأن النفق يملؤه مستنقع يعيق حركتهم. عندما يعون أنهم ضحايا المكان والزمان «الغلط». 
اللبنانيون عالقون في النفق. نفق بارد رطب مظلم. لكنهم عالقون بإراداتهم.
عماد الدين رائف

Comments