ملتقى الأمل

في زمن الانفجارات، واتجاه البوصلة نحو اليأس، شقّ عدد من المتطوعين طريقاً إلى الأمل، محافظين على المكان الجميل بناسه، الذي ضمّت جدرانُه القديمة لقاءاتهم وسهراتهم، وفرحهم المشترك.
جدران «كافيتيريا الإذاعة والتلفزيون»، كانت مزينة بلوحات مائية وزيتية تجسد فلسطين ومناضلين قضوا في سبيلها، وبصور قادة وشهداء. شهدت آلاف النقاشات. لم تكن تخلو من سخونة وحدّة حيناً، وبهجة أحياناً.
مثل المقهى لعقد من الزمن، أحد ملتقيات المثقفين، والفنانين، والصحافيين، والطلاب، والعمال. شهد على حواراتهم السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. وكان يتحول بين الحين والآخر إلى مكان لأفراحهم واحتفالاتهم.
هي العلاقة بالمكان، وبالوجوه التي تتلازم مع المشهد العام له، على كثرتها. كذلك الشعور بالانتماء إلى جملة من الأفكار، المناهضة للطائفية والمناطقية، الساعية إلى العلمانية والمواطنة. والسعي لدى الجميع كان دائماً إلى تكرار اللقاء، واستعادة عناصره مجتمعة.
«الكافيتيريا»، أعادت إحياءها سواعد أستاذ جامعي، ومصور صحافي، ورسام، وعامل صيانة، ودهان... شهران من العمل، في النجارة، والدهانات، والسمكرة، كانا كفيلين بإظهار «كافيتيريا غيفارا» في حلة جديدة، تحافظ على جدارية الثائر الأرجنتيني التي تزين سقفها.
في حفل افتتاحها الجديد تقاطر الأصدقاء الذين عرفوا من بعضهم البعض بالخبر، من مختلف المناطق. لم تسعهم «الكافيتيريا» فافترشوا الرصيف الذي اتسع بعد احتلال العوارض الإسمنتية «الأمنية» مساحة من الشارع. طردوا أشباح الموت المخيمة قبل الانفجارات وبعدها. واحتفلوا. كشعاع أمل في ليل المدينة.
تحية إلى غيفارا شليل ونزيه سركيس، اللذين يحافظان على ملتقى الفرح.. وإلى سواعد رفاقهما التي منحته حلة مزينة بالأحمر.
عماد الدين رائف

Comments