لا أحد يأبه

يحمل الصباحُ خبراً مفاده أن طفلاً استُحضر فجراً إلى مستشفى حكومي، وهو يعاني من سعال حاد. لكنه «توفي قبل أن يتمكن ذووه من إيجاد مكان شاغر في أحد المستشفيات لتقديم العناية الطبية له. وقد فتحت القوى الأمنية تحقيقاً في الحادث».
تحمل الخبر وسائلُ الإعلام، وتزيد إلى عناصره أن المستشفى طلب «مستحقات مالية». تتناقله مواقع التواصل الاجتماعي، تتوالى التعليقات، تطاول السياسة، والطوائف، ووزارة الصحة، والأطباء والمهنة وشرفها، والمستشفيات والدكاكين. يدلي كلٌ بدلوه. يقارن البعض أحوال الطبابة بين لبنان والغرب. تنهمر عبارات تبدأ بـ«عنّا بفرنسا...»، آخرون يبتدعون بعض الـشتائم. ثــم يأتي خــبر بعـــد الظــهر.
بيان من المستشفى الحكومي إياه، يكذّب «بعض وسائل الإعلام»، فالطفل لم يمت على أبواب مدخل الطوارئ «بعد رفض استقباله لعدم دفع أهله المستحقات المالية قبل إدخاله». «الخبر غير دقيق»، إذ «وصل الطفل إلى الطوارئ، فحاول الفريق الطبي إسعافه وتقديم كل ما يلزم من دون أن يطلب من أهله أي مبلغ مالي». تلك زاوية أخرى من القصة.
قصة الطفل لن نقف على تفاصيلها الحقيقية. والحقيقة الوحيدة أن الطفل، رحمه الله وصّبر أهله، قد مات.
ففي ظل فوضى تفاهات متنقلة بشأن تشكيل حكومة جامعة لن ترى النور.. وما تلوكه الألسن عن المداورة، وتدوير الزوايا، البحصة، والعقدة والعقد.. وضياع البلد. يحتاج فضاؤنا الإعلامي إلى قصص صغيرة تدوم لساعات.
أما الطفل.. فلا أحد، غير أهله، يأبه بما كان يعاني، أو كيف تم التعامل معه في المستشفى..
لا أحد يأبه به أصلاً.
عماد الدين رائف

Comments