"ضحايا الفساد"

يأتي خبر افتتاح فرع لمركز يُعنى بـ"حماية ضحايا الفساد"، كمزحة. هل يمكن اعتماد الوصفة الأوروبية، الداعمة مالياً للمشروع؟ وهل "حماية الضحايا" ممكنة؟
عندما يغدو كل شيء من حولنا، منخوراً بالفساد، تصحّ مقولة أحد المسؤولين إن البلد لا يمكن أن يعيش ويستمر بدون الفساد النسبي، الذي يشكل جزءاً من هيكله. وينزاح مصطلح "الفساد" عن معناه الذي وضع له، ويغدو جزءاً ضرورياً من طريقة العيش، ولا يقتصر على الصفقات، وتخليص المعاملات.
وربما الحال التي نحن فيها اليوم، تُعدُّ من أهم إنجازات طبقة سياسية فاسدة، تعيد توليد نفسها تحت عناوين مختلفة أبرزها "الامتيازات التاريخية".
"الضحايا" المحتلمون كثر، لكن من نال حصته من "الفساد المشرعن" مباشرة على باب زعيم، أو غير مباشر بموجب خانة المذهب على بيان القيد، ويعتبر ذلك من حقه الطبيعي.. هل يمكن أن يكون "ضحية"؟ طبعاً سيشعر بالظلم إنْ تعرّضَ للغبن على يد آخر. ذلك الآخر لا يريد سوى الحصول على حصته من النظام الفاسد. فيأخذ الأول عفويّا من طريقه.
أليس الأسهل بكثير البحث عمّن لم يتلوث؟ فالضحايا الفعليون قلة قليلة. ليسوا بالضرورة من وقعوا ضحايا صفقة أو معاملة، بل من لم يرضوا بالصيغة التي شرّعت النظام الفاسد. يريدون أن يكونوا مواطنين تحت سقف القانون، حيث لا "مواطن" ولا "قانون".
هم بالفعل يبلّغون يومياً عن الفساد، تحت شعار "بإيدك تبلغ عن الفساد"، لكن لا شيء بأيديهم غير ذلك.. ولا "مراكز" تفتتح لحمايتهم.
عماد الدين رائف

Comments