نستحق الحياة

مبادرات فردية، جميلة مرتجلة، كابتسامة صادقة، تزيح بعض العتمة عن اليوميات المثقلة بالموت.
قاسم اسطنبولي يستقبلك في مسرحه في صور. حلقة دبكة عفوية تُعقد على أحد أرصفة صيدا. فتى يرسم "هابي فايس" على جدار في الضاحية. صهيب أيوب يجمع أبناء طرابلس في ورشة "تعا نكتب". تلامذة يلونون جدارية سلام في بعلبك. سهام مصطفى تنشر الألوان برقصة مفاجئة في الحمرا. سهرة على أنغام عود في الهرمل. طفلة من القيطع تقطف أوراق وردة ربيعية مبكرة "بيحبني ما بيحبني". شاب يعبّر عن عشقه على جدار أوتوستراد المطار.
هي لغة أخرى، تفتعل الأمل. لا تشبه ظلمة زمن الغزوات والقبائل المستنسخة من القرن السابع. لا تجاري مقدمات نشرات الأخبار المشبعة بالكراهية، العابثة بدماء القتلى. لا تتماشى مع استهتار تعليقات المواقع الإلكترونية بكل القيم. تجافي استسهال اتهام الآخر وشيطنته.
لغة أمل تفتقدها الحواس في طوفان تعميم الحقد على كل شيء، واستخدام أي شيء لنصرة المذهب والمنطقة والزاروب. رسالةٌ أصحابُها مناضلون بلا سلاح، لا يفهمها القاتل. مفادها "نحن هنا. لنا الحق في الحياة".
"نستأهل الحياة".. بالكتابة، والموسيقى، باللحن، والأغنية، والمسرحية. بالنشاط الترفيهي، والرسم، والرقص، وتعبير الجسد. برسائل مرتجلة، لكنها تبث بعض الحياة في ليل الوطن، الذي يحاول السفاحون اغتياله. تعيد بعض الضوء إلى نهاراته المفخخة.
تحية إلى أصحاب المبادرات المرتجلة، المفعمة بالفرح. التي تزيل بعض القرف الذي يحدثه تجار الدماء. أولئك الذين يستمدون قوتهم من الانتحاريين، يدينون، يستنكرون، يشجبون، يحللون.. يعودون إلى منابرهم المذهبية لتأمين ظروف انفجار آخر.
عماد الدين رائف

Comments