علامة استفهام

لم تمض لحظات على تفجير الهرمل، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي باتهامات مباشرة لعرسال.
عرسال هنا ليست أشخاصاً بعينهم. وكأن البلدة بناسها قد توجهت إلى الهرمل لتقوم بالتفجير. وتبرع بعض "الغيارى" بنصائح تضمنت مصطلحاً وُضع في التداول غير البريء، وهو "تحرير عرسال". وربما يتبرع بوضع خطة لذلك.
الهستيريا استمدت زخماً بعدما ظهرت على المواقع إياها، صورة بطاقة احتياط صادرة عن الجيش، لشاب عكاري، اتهم فوراً بأنه الانتحاري المفترض. الشاب سُمي بالاسم والعائلة والبلدة والقضاء والمحافظة. ونالت الألسن منه ومن أبناء منطقته، الذين باتوا كلهم متهمين بالتفجير، قبل أن يظهر أن الخبر ليس خبراً.
صورة الأمس، تشبه مشهداً تبع مجزرة عرسال، التي لم يمض عليها أسبوعان. حصدت المجزرة البشعة أرواح أطفال أبرياء. فقامت القيامة ولم تقعد. واتهمت المناطق الواقعة غرب البلدة بقتل الأطفال عن سابق تصور وتصميم.
إلا إن المصيبة لا تكمن في ما يتناقله آلاف الأفراد المشحونين مذهبياً، بل في تلقف بعض وسائل الإعلام تلك الاتهامات الموتورة على أنها "أخبار". ولا يتورع البعض عن نسبتها إلى "مصادر". وذلك في استباق مقصود لأي تحقيق أو منطق. فما المقصود من ذلك غير الفتنة؟
دماء أبرياء عرسال، ليست أرخص أو أغلى من دماء أبرياء الهرمل في حساب الوطن. ذلك يدركه كل مواطن لم يتلوث بعد. ولن يدركه رعايا مذهبيون متشنجون.
اليوم، وبعدما فقدنا الأمل بالساسة بالجملة والمفرق، نحن في أمسّ الحاجة إلى صوت المواطن.
فهل من يقرأ في كتاب الوطن؟
عماد الدين رائف

Comments