ديموقراطية مربحة

مع نيل الحكومة ثقة مجلس النواب المُمَدِّد لنفسه، يُفترض أن يتحرك النواب ليقوموا بما كان يفترض بهم القيام به منذ انتخابهم.. أن يُشرِّعوا "قانوناً حديثاً وعصرياً للانتخابات". لكن الأمل بذلك معدومٌ بناء على التجارب.
القانون الانتخابي 25/2008 لحقت به تعديلات طفيفة، وما زال ساري المفعول في ظل غياب تشريع جديد ينسخه، أعادنا ستة عقود إلى الخلف، فيما كان يجدر بالمشرعين أن يتقدموا ولو خطوة واحدة إلى الأمام. على الأقل كي يبرروا، ولو شكلياً، تقاضيهم رواتبهم ومخصصاتهم كنواب عن الأمة.
اليوم، في ظل ذلك الأمل المصطنع، يُعاد تزييت ماكينات مشاريع جمعيات "المجتمع المدني"، فتنبش من أدراجها عناوين حملات، وبرامج، وطاولات مستديرة، وندوات، وورش عمل، تصب في خانة حث صنّاع القرار على تعزيز دور الجمعيات في التشريع ومراقبة سير تلك العملية. ويُعاد ضخ أموال المانحين والممولين، الذين ينتمون إلى "ديموقراطيات عريقة" ترضى لغيرها بما لا ترضاه لنفسها.. وهكذا تنتعش دورة الحياة.
غريبة هي تلك المعادلة التي تعيد إنتاج نفسها قبل كل استحقاق انتخابي، تشي بأن فيها تواطؤاً ما، بين الممولين والجمعيات والنواب وأطراف كثر آخرين. فمن غير الطبيعي أن يبقى النواب، وفق ادعاء الجمعيات، "بدون خبرة"، أو "من غير ذوي الاختصاص" لدراسة القوانين والمشاريع التي تصل إلى مجلسهم. ومن المستغرب كذلك أن يبقى النواب مصرّين على تجاهل مطالب محقة، لا يُلحق تحقيقها بهم وبأحزابهم المذهبية أي أذى.
لكنها "ديموقراطيتنا الفريدة"، والتبادل الربحي للأدوار.. ولا يُعيبُه أن يتحول النائب إلى رئيس لجمعية، أو يُنتخب رئيس جمعية إلى الندوة البرلمانية... وأن تبقى المطالب مطالبَ.
عماد الدين رائف

Comments