أمرٌ واقع

«نواقيس الخطر» التي يتسلى الساسة بدقّها بين الحين والآخر، تخويفاً من اللاجئين، هي إحدى مظاهر استغلال مأساة اللجوء. اللاجئون من شمال الوطن إلى جنوبه، ومن عاصمته إلى مصنعه، باتوا أكثر من نصف السكان. صاروا جزءاً من النسيج الاجتماعي. وصار وجودهم أمراً واقعاً.
تلك الحقيقة يحاول الساسة التهويل بتداعياتها أحياناً، وإيهام رعاياهم بأنهم حماة «الحقوق». لكن أي حقوق في الوطن - المخيم؟ هي ليست سوى حقوق أمراء الطوائف في امتطاء الرعايا إلى استحقاقات مقبلة. يكون وقودهم فيها إبقاء الرعايا رهائن الخوف اللاجئ المُعدم، واستخدامه في معادلة ظالمة.
ما هو واقع النزوح السوري إلى لبنان؟ كم عدد النازحين الذين لم يحصلوا على بطاقة لجوء من «المفوضية»؟ لماذا هم غير مسجلين؟ هل من إستراتيجية وطنية لإشباع بعض من الحاجات؟ أسئلة لا أجوبة لها.
أمام ذلك الواقع، وقع اللاجئون من المعارضين أو الموالين للنظام، فرائس سهلة لساسة متمرسين في الاستغلال. بعض اللاجئين شارك في البازار، أما معظمهم فلا حول ولا قوة... كل ما في يد السوري بطاقة «المفوضية»، التي يفترض بها أن تحميه. فهل ستحميه؟
الساسة الذين لا وجود لـ«المواطن» في حساباتهم، باتوا اليوم من جهابذة العربية وعباقرة اللغة، يتسلون بقضاء الأيام بحثاً عن مرادفات لكلمات ثلاث... تبدو وجوههم باهتة وبعيدة، ولا وقت لديهم لهموم الناس.
حيث لا مظلة حماية اجتماعية للفئات المسحوقة، والحديث عن خط الفقر مدعاة للتفكه، والحقوق تُستجدى من المستزلمين... تزدهر مصالح أمراء الحروب إن زادت أعداد المسحوقين مليونين أو ثلاثة... ويمكنهم أن يُكثروا من دقّ «نواقيس التهويل».
عماد الدين رائف

Comments