انتحار عابر

في عيدها كامرأة، يقع اللوم عليها. النازحة المُغتصبة المُستغَلة، المُتاجرُ بها وبآلامها، مَلومةٌ إن حاولت الانتحار، أو انتحرت فعلاً.
أما انتحارها فعابرٌ، يكاد لا يعني أحداً.
تتعدد أسماء فتيات نازحات، بعضهن قاصرات، يُغتصبن، ويجبرن على ممارسة الجنس، لقاء حصة غذائية أو مأوى.. يحاولن الانتحار، وسرعان ما يتحولن إلى تقارير و«يا دار ما دخلك شرّ».
لن يلامَ والد الضحية أو والدتها، إن وُجدا. سيحاولان أن يتسترا على الجريمة إن علما بها. سيحاولان أن يزوجا ابنتهما بالمغتصِب. أن يجدا رجل دين «يجمع رأسين بالحلال».. وإن لم يستطيعا، فسيشعران بالعار. سيرحلان من نزوح إلى آخر.
لن تُلام الدولة، التي يتبادل أركانها الاتهامات والابتسامات، وينظر كل واحد منهم إلى نصيب الآخر من أموال الدول المانحة بحسد. ولن تُلام منظمات ومؤسسات، تحول المأساة إلى أرصدة في البنوك.
لن تُلام «المفوضية»، فهي تحصّن نفسها أسبوعياً بتقرير يتضمن «النقّ» و«رفع الصوت»، وإظهار مدى فشلها في تأمين ما يُشبع جزءاً من الحاجات.. وفي ما تبقى، تحوِّلُ النازحين والخدمات المقدمة إليهم إلى مجرد أرقام.
وبطبيعة الحال، لن يلامَ المُغتصِب، سواء أكان من البيئة المضيفة للنازحة وعائلتها، أو من هيئات الإغاثة المستغلة للحاجات في أكثر الظروف تعاسة. يمكنه بسهولة أن يتملص من جريمته وأن يتمتع بحماية المجتمع والدين. ألم يؤهلاه للعب دوره بحرفية، وهو يتأرجح بين السترة والعيب والحرام؟
شارك في جريمة اغتصابها نزوحٌ، وحربٌ، ونظام ومعارضة، ومجتمعٌ وبيئة حاضنة، وساسة ومصالح وجمعيات، قبل المجرم.. ولن يُلام سواها.
فللنازحة المغتصَبة في عيدها كامرأة.. وردة سوداء.
عماد الدين رائف

Comments