هنيئا لـ"الأهالي"

أن ينسب الساسة الارتكابات التي تبهدلُ الدولة، وتمسِّح وجهها بالتراب، إلى «الأهالي».. فذلك من أكثر المآثر بشاعة.
فعلى الرغم من أن مفهوم «الأهالي» فضفاض متغيّر، ويعتبر أحياناً من «المفاهيم الزئبقية»، ويُقال إن المناطقة فشلوا في تحديده علميّا.. إلا ان ذلك أمرٌ، وما ينطق به سياسيٌ، أو متسلق في مستنقع السياسة، أمرٌ آخر.
هل «الأهالي» المدججون بالأسلحة أشعلوا ليل المدينة الرياضية، وحوّلوا ناسها إلى رهائن؟ وهل بـ«الأهالي» تلتهب محاور طرابلس، بترسانات من الأسلحة، ومضخات للأموال والذخيرة. وهل هم من يجوب الأزقة ليلاً على دراجات نارية، يطلقون النار في الهواء، يزرعون عبوة ناسفة تستهدف آلية للجيش هنا، يرمون عدداً من الرمانات هناك؟
هل «الأهالي» يقومون بالخطف بهدف الفدية، لتلعب القوى الأمنية دور الوسيط، تسلّم المال المطلوب بعد المساومة، فتستعيد المخطوف؟ وهل هم من يقطع الطرق بالإطارات المشتعلة بكبسة زرّ مذهبية، فيتحول الوطن الصغير إلى جزر متباعدة؟
فبعدما كاد الساسة يستهلكون مصطلح «اللبنانيين»، و«أولياء الدم»، و«شباب المنطقة».. ينتقلون اليوم إلى مصطلح أقرب إلى مصالحهم الضيقة. هم لا يرون في «اللبنانيين» مواطنين، بل مجرد أشخاص تابعين لهم. و«الأهالي» وفق ذلك الفهم المريض، لا يمكنهم أن يخرجوا عن طوع ولي نعمتهم.
هنيئاً لـ«الأهالي» تلك النعمة. فقد وهبهم أمراؤهم حريات، منها العصبية المذهبية والحقد، والمال والسلاح والذخيرة والإطارات المطاطية.. وحرية التقاتل من أجل نصرة المذهب.. وحرية «الاستشهاد»، والجنة لهم مضمونة.
لكن أين هم من حرية أن يكونوا بالفعل من الأهالي الآمنين؟
عماد الدين رائف

Comments