خربة داوود

لا نسمع بها إلا في الأزمات، وعند الانتخابات.
تشاطر خربة داوود جاراتها في الدريب الأوسط الحرمان المزمن، والإهمال المستفحل. وهي تتجاوزهما اليوم إلى ما لا تُحمد عقباه.. نار نقمة الأهالي تحت رماد «مفوضية شؤون اللاجئين». 150 عائلة تنوء تحت عبء استضافة نحو 500 عائلة نازحة، في أسوأ ظروف العيش.. والغصّة تتحول إلى صرخة.
أخذت البلدة، التي لا تبعد سوى ثمانية كيلومترات عن الحدود، نصيبها من الحرب التي بدأت سنتها الرابعة. استضاف أهاليها، منذ بداية الأزمة، اللاجئين في بيوتهم. تربطهم بالسوريين وشائج قربى، ومصاهرات، ووحدة حال، وعادات طيبة راسخة، يأتي على رأسها السخاء وحسن استقبال الضيف. حجارة بيوتها البركانية السوداء، قاومت الكوارث الطبيعية لعشرات السنين، وضمّت في السنوات الثلاث الماضية اللاجئين وأهالي البلدة معاً، لتقاوم القذائف العابرة للحدود.
ما الذي حدث؟ ولماذا تتستر «المفوضية» بشحّ قدراتها، بينما ينهش السماسرة المساعدات التي لا تصل إلى مستحقيها؟ لماذا تستمر في مشاركة جمعيات فاسدة، بالرغم من الفضائح؟ أين «المفوضية» من المنافع المتبادلة بين عدد من الموظفين والفعاليات، على حساب اللاجئين والأهالي؟ لماذا تم شطب العديد من العائلات النازحة عن جداول المساعدات بحجة وجود «معيلين»، معظمهم لا يعمل، وإن وجد عملاً، فلا يسد رمقه؟ لماذا تُحرم البلدة وجاراتها من توظيف أبنائها المتعلمين في المشاريع الإغاثية؟ أين هي المساعدات التي يجب أن تقدم إلى الأسر المضيفة؟
حال الخربة، هي حال البلدات العكارية المنسية.. فهل المطلوب إذلال الأهالي وتجويعهم، بعدما باتوا عاجزين عن تأمين لقمة العيش، بهدف خلق واقع جديد؟
عماد الدين رائف

Comments