لماذا يهادنون؟

قبل أسبوعين كان شكل البلد مختلفاً. خرج «مواطنون مقهورون» حملوا شعاراتهم مجاهرين بالمطالبة بحقوقهم. سُمّيت ذروة تحركاتهم بـ«يوم الزحف». أما مشهد أمس الأول، فكان مختلفاً.. وسط «هدنة مطلبية» اجتمع فيه 124 نائباً، من الممددين لأنفسهم، تحت قبة البرلمان، وأدّوا مسرحية «ديموقراطية» سمجة، تابعها «المقهورون» أنفسهم، في بث حيّ على الشاشات.
لماذا أخلى «المقهورون» الساحة لتكتمل عناصر مسرحية «نوّاب الأمة»؟ لماذا أخلوا الشوارع، ومحيط البرلمان، الذي قذف بمطالبهم «إلى يوم توعدون»؟ ألا تستحق تلك المطالب أن تتقاسم الشاشة مع مشهد متنبأ به سلفاً، ينتهي بعدم انتخاب رئيس للجمهورية؟ هي حقوق لن يأبه بها «أصحاب الدولة، والسعادة، والمعالي».. فهل يمكن إرجاؤها أو تأجيلها؟
يبدو أن كل شيء ممكن. أيمكن لـ«المقهورين» أن يلتزموا بسقف اللعبة، التي تنتهي ببث مباشر لا غير؟ هل يمكنهم أن يرفعوا باطهم لتمرّ من تحته مسرحيات «الديموقراطية» واحدة تلو أخرى؟.. ثم يقومون بالإضراب والتظاهر والاعتصام في فترات الاستراحة؟
من وجهة نظر حقوقية، يصعب فهم «مواطن» تظاهر في الشارع، وقطع الطريق لإيصال صوته، وطالب بحقوقه لمدة طويلة من الزمن.. ثم فور حصوله على وعد من أمير الطائفة، يقوم بشكره وأداء فعل الطاعة بين يديه. إلا أن انتماءه إلى الوطن ظاهري، أما انتماؤه الفعلي فإلى الطائفة والمذهب والزاروب.. وبين الانتماءين، يعتبر حصوله على ذلك الوعد مَكرُمة.
الهيئات والمنظمات الحقوقية والمطلبية.. و«أصحاب الحقوق» يعرفون ذلك حق المعرفة. ويعرفون أن وعود المسؤولين ليست سوى شيكات منتهية الرصيد.. فلماذا يهادنون؟
عماد الدين رائف

Comments