هنا الطفيل!

لعل إحدى «فوائد» الحرب السورية، أنها عرّفت اللبنانيين، ولو بشكل عَرَضيّ، إلى قرى «ضائعة». ولعل من «مساوئ» الحرب، أن تلك القرى لم تذكر إلا عندما مستها نار القتال. وكانت تختفي كلما ابتعدت المعارك عنها، وكأن قدرها مرتبط بالمأساة.
بالأمس، احتلت قرى ريف القصير المشهد.. فحظيت بالإضاءة مطربا، والجنطيلة، والحمام، والصفصافة، وزيتا، والديابية، وكوكران، وبلوزة، وحاويك... قرى سكانها لبنانيون. فصلتهم الحدود، التي لم يعيروها اهتماماً يوماً.. تساووا في الحرمان والمصير، مع أبناء القرى المنسية في وادي خالد والمشاتي. لطالما شكل الفقر وتأمين لقمة العيش عنوان ناسها، قبل أن يصنفهم الساسة مذهبياً.
الساسة الذين أغفلوا عمداً، ومنذ الاستقلال، تلك القرى، لا ينظرون إلى أبنائها إلا من باب مصالحهم الضيقة، بنظرة طائفية. ولم ينظروا إليهم يوماً كمواطنين أو ناخبين، بل كتابعين أو رعايا.. وتلك النبرة الحادة التي تصدر عن هذا أو ذاك منهم، لم يرافقها يوماً دلو مياه أو كيلوواط كهرباء.. لم يشفعوها بمتر مكعب من الإسفلت، أو إشارة سير.. لم تر مستشفى حكومياً أو فرعاً للجامعة الوطنية.
اليوم يأتي دور الطفيل، تلك القرية اللبنانية الأرض والسكان، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا بشق النفس، وبجهد وصبر كبيرين. لم يأبه بها أحد يوماً.. لكن «يحتلها» الساسة، مبدين «اهتماماً» شديداً بأهلها، قبل أن تصلها نار المعارك.
لعل أهالي الطفيل يدركون، أن مِنْ أسوأ ما قد يحصل لهم أن يبدي الساسة «حرصهم» الزائد على بلدتهم.
عماد الدين رائف

Comments