الوطن - المخيم

تتعالى الصرخات في وجه النازحين الهاربين من جحيم سوريا. بعضها يأخذ أشكالاً مطلبية من قبل حرفيين، وعمال، ومهنيين، وسائقين عموميين. أما بعضها الآخر فلا يعدو كونه نابعاً عن نظرة فوقية، تشوبها مسحة «عنصرية».
تظهر وثيقة صدرت مؤخراً عن «المفوضية العليا للاجئين»، تموضع النازحين المسجلين على ثلاث خرائط للبنان. الخرائط البيضاء المتلاصقة، توضح بنقاط حمراء أماكن النزوح وكثافته وتطوره. تواريخها على التوالي حزيران 2012، حزيران 2013، ونيسان الماضي.
النازحون في الخريطة الأولى عددهم 25411، وفي الثانية 480512، وفي الثالثة الطازجة 1044898 نازحاً مسجلاً لدى المفوضية. النقاط الحمراء تزداد تكاثفاً خلال سنتين، فتكاد تغطي جميع المناطق المأهولة، ليبقي البياض محصوراً في أعالي سلسلة الجبال الغربية، وجرود السلسلة الشرقية.
ذلك في خرائط المفوضية، فيما تجزم جهات أهلية ومدنية أن أعداد النازحين السوريين تزيد عن تلك التي سجلتها المفوضية نحو ضعف على الأقل.
في المقابل، لا توجد إستراتيجية وطنية للتعامل مع النزوح، لدى الساسة الذين حولوا لبنان إلى البقعة الأكثر تركيزاً لكثافة اللجوء في العالم. لا شيء لديهم سوى تكرار لازمة «لم نحصل على شيء من الدول المانحة». يقفون متفرجين على مواطنين يحاولون تحصيل لقمة عيشهم بشق النفس... وعلى نازحين كل ما يطلبونه هو الحق في الحياة.
لطالما انحصرت موهبة الساسة المحليين في وضع الفقراء في قبالة بعضهم البعض، ليتنازعوا. ليحققوا المصالح الضيقة من جوع الفقراء وآلامهم... نشهد اليوم إحدى إبداعات تلك الموهبة، في لبنان المنقّط بالأحمر... الوطن ـ المخيم.

عماد الدين رائف

Comments