يوسف عدي

حين تخطف أضواء «العمل الاجتماعي» زوجات الساسة وحواشيهم، يختفي اسمك يا يوسف. يكاد لا يعرفك أحد خارج ميدان نضالك اليومي نحو تكافؤ الفرص للأشخاص المعوقين.. نحو مجتمع يحترم أبناءه.
ترحل عنا شاباً يا يوسف عدي.. تمضي إلى مثواك الأخير في بر الياس. وراء نعشك يسير رفاق ورفيقات النضال على كراسي مدولبة، بعكازات، وأجهزة تعويضية.. يتحلقون حول ضريحك الرطب. ينعونك بلغة الإشارة، وطريقة برايل.. يقرأون فاتحة أو يرسمون صليباً.. وفي البال أناشيد تتردد منذ انطلاقة الحملة المطلبية المستمرة.
يشهد على وقفتك البرلمان، وأنت بين مزنّريه بلافتات تطبيق القانون 220/2000.. تشهد مراكز الاقتراع وأقلامها على تدوينك الانتهاكات بحق الأشخاص المعوقين وإساءة معاملتهم في الانتخابات.. تشهد عليك طريق المطار في اعتصام «لا للحرب»، وأنت تصرخ مع رفاقك بوجه مسعّري الفتنة: «إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا».. تشهد على مشاركاتك في المخيمات الحقوقية من أدنى جنوب الخريطة إلى أعلى شمالها.. من البقاع العزيز إلى أم العواصم.
صارعت يا يوسف على مقاعد الدراسة في بيئة غير مجهّزة وربحت المعركة، وتخرّجت.. لكن الصراع مع المرض في بلد لا يحترم حاجاتك كان أقوى منك.. أقوى منا جميعاً، وكأننا لا نزال في بدايــة مشوار الصراع الطويل.
بكّرت أيها المناضل الثلاثيني برحيلك، فما زال عناد الطبقة السياسية قوياً صلباً، يهمّش الأشخاص المعوقين في البيت والشارع ومكان العمل، ويهملهم على أبواب المستشفيات ليقضوا نحبهم.. لكن طيفك سيكون حاضراً عند كل منعطف وفي كل اعتصام، كــــما عهدناك، ليصـــدح صوتك بين الأصوات «مطلبي، مطلبي، وأنا اشهد مطلبي».
عماد الدين رائف

Comments