طنجرة شوربا

على عتبة الاحتفاليات التي تنظمها المدارس الخاصة، لمناسبة اختتام العام الدراسي، كثيرون من «أولياء الأمور الكرام» لم يسددوا الأقساط المتوجبة عليهم بعد. الاحتفاليات تتضمن تخريج تلامذة التمهيدي والأساسي والثانوي. ويحرم من لم يُسدَّد قسطه من التخرج، أو الحصول على الشهادة في معظم الأحيان؛ ذلك أن العبور إلى تلك المرحلة يقتضي الانطلاق من الإدارة المالية في المدرسة التي تمنح ولي الأمر «صك براءة».
أما أولياء الأمور، الرازحون تحت وطأة الأزمة المعيشية فهم «على باب الله». لم يحصل، المستخدمون منهم، على المنح التعليمية عن أولادهم للسنة الثانية على التوالي. والمنحة المقرّة لا تتخطى عتبة الألف دولار مهما كان عدد الأولاد. ذلك بفضل جهود ساسة عباقرة في الاقتصاد والإذلال.
ومن أولياء الأمور موظفو دولة، ومنهم مدرّسون، «يعملون» في المدارس الرسمية، لكنهم يفضلون أن يكون أولادهم في الخاصة... لعلمهم أن «الرسمية ما بتنفع»... أي لإقرارهم بشكل غير مباشر بأنهم لا يقومون بأداء مهامهم الوظيفية، التي يتقاضون رواتبهم بناء عليها.
في ظل تلك الفوضى التي تشبه «طنجرة شوربا»، يغدو الهدف الأساس لدى الأهالي، الحصول على إفادات لأولادهم. تلك الورقة «الغالية» المختومة من وزارة التربية، تتضمن إنهاء التلميذ للعام الدراسي، وتخوله الانتقال إلى «مدرسة أرخص».
غريب حزيران، يمكنك أن تلاحظ فيه نسبة لا يستهان بها من اللبنانيين وهم يدورون حول أنفسهم، تتحدث إليهم فلا يسمعون، يتلفظون بعبارات غير مفهومة، ويكثرون من الشتائم. ليسوا تحت تأثير حشيشة الكيف، أو مشروب كحولي قوي... بل يحلمون بـ«إفادة».
عماد الدين رائف

Comments