مغامرة

في مثل هذا اليوم، قبل 76 سنة، رفع يوسف اسكندر نصر إلى رئيس الجمهورية إميل إدّه، «التقرير الشامل» الأول عن أوضاع المغتربين اللبنانيين، بعد جولة له في البرازيل وإفريقيا «الفرنسية والإنكليزية»، بدأها في 12 أيار 1937، وأنهاها بوصوله إلى بيروت في 6 حزيران من العام التالي.
عكف صاحب «الرقيب» على تحرير تقريره الرسمي في طرابلس، نحو شهرين، وسجّل فيه أحوال اللبنانيين «من كل نواحيها، الأدبية والعلمية، والاجتماعية والأخلاقية، والصناعية والتجارية والزراعية، والسياسية...». ودوّن مطالب المهاجرين وتمنياتهم.
آنذاك، وعلى الرغم من مرور ثلاثة أجيال على الاغتراب اللبناني، كانت الهجرة لا تزال تعتبر مغامرة، والعودة إلى الوطن أمنية.
بعد عشر سنوات، حرّر جورج يزبك «المذكرة الأولى عن المغتربين». رفعها إلى «السلطات الوطنية العليا، والرأي العام اللبناني والعالمي»، بشأن «المغترب اللبناني وما له من حقوق على وطنه الأم».
وإذا كان نصر لم يفوّت فرصة إلا وأكد فيها ارتباط اللبناني بأرضه وترابه، فإن يزبك أفرد باباً في مذكرته لأهمية السياحة، عبر «ضرورة تشويق المغتربين للتمتع بصيف لبنان إلى أن يعودوا إلى أحضانه نهائياً».
اليوم، وبعد 160 سنة على وصول ابن صاليما طانيوس البشعلاني إلى أميركا، وبعد 122 سنة على استقرار أول لبناني في إفريقيا عن طريق مارسيليا ـ دكار، بات اللبنانيون منتشرين في كل بقاع المعمورة.. وقد يرغب كثيرون منهم في العودة صيفاً إلى لبنان. إلا أنه بفضل السياسات المدمّرة، تحترق الصيفيات واحدة تلو أخرى.
لم تعد الهجرة مغامرة، بل بات «التمتع بصيف لبنان» هو المغامرة.
عماد الدين رائف

Comments