إرهاب

نحن شهودٌ على مواقف سياسية مناوئة للجيش. تلك المواقف لا تأتي، كما هو المُدَّعى، من حرصٍ على المؤسسة العسكرية.. المؤسسة الوطنية الوحيدة العابرة، بحدود دنيا، للمناطق والطوائف والمذاهب.
تأتي تلك المواقف في سياق الشحن المذهبي حول عرسال التي نجحت دائماً في «امتحانات الوطنية».. تُعاد كأسطوانة مجروحة مكررة، لكنها بفضل ذلك التحريض لم تفقد كل بريقها بعد، وتجد دائماً مستهلكيها.
تصريحات نارية تخوض في دماء ضباط الجيش ورتبائه وأفراده، وتحرّض عليهم. وهي تساوي في أحسن الأحوال بينهم وبين الإرهابيين، لا بل ترجّح كفة الإرهابيين.. تلك المواقف لها بعدٌ أكثر خطورة من إيقاظ الفتنة.
فالسياسيون، الذين هشّموا الدستور والدولة، يدركون جيداً أن لا حاجة فعلية لديهم لأصوات «ناخبيهم»، مع ادِّعائهم المذهبي، بالحرص عليهم. فهم إما وزراء أتت بهم إلى «حكومة المصلحة» محاصصات قيست «بميزان الذهب»، أو نوابٌ مدّدوا لأنفسهم بشكل غير شرعي، ويسعون إلى تمديد آخر. ولا إرادة للرعايا في ذلك كله.
يأتي الهجوم على الجيش فيما الصيغة اللبنانية الهشّة لا تزال تؤمن مصالح الطبقة السياسية. فالصراع الظاهري بالتناحر استمر في ضخ المغانم على أمراء الحروب وحواشيهم.. فما بالهم اليوم، وكأنهم يرحبون بالإرهاب ويجمّلونه؟
ذلك لا ينمّ عن عدم فهم لخطورة اللحظة. هم يعرفون حق المعرفة، وبناءً على تجارب سابقة، ما هي نتيجة هدم الهيكل على من فيه.. لكن يبدو أنهم يجدون مصالحهم في مكان آخر.
ألا يبدو غريباً أن سياسيين، هم نتاج النظام الطائفي المذهبي، الذي أتى بهم وبخصومهم المحليين في آن، يهاجمون آخر مظلة تؤمن الاستمرارية لهذا النظام؟
عماد الدين رائف

Comments