"ورقو الأصفر"

عاد شهر المدارس.
عاد أيلول، الذي لا يقتصر التغيّر فيه على حال الطقس، واصفرار أوراق أشجار غنّت لها فيروز.. بل على الأحوال النفسية، والسلوكية ـ الحركية، لدى عدد كبير من الأهل وأولياء الأمور.
يقفون على أعتاب المدارس. يمكنك أن تلحظ حركات عشوائية من أياديهم، ابتسامات سريعة مرتجلة لدى التقاء النظر التائه في بحر ملصقات على الجدران.. ووجوه تفتقر إلى التعابير. وإذا ابتعد خطوتين، هم ليسوا سوى جموع رمادية تنتظر إقامة الحدّ عليها.
ليس حدّاً واحداً، بل حدود مجتمعة، تبدأ بالتسجيل، وتسديد المتأخرات، ثم الكتب، والقرطاسية، والزيّ المدرسي والرياضي، والتأمين، وبدلات النشاطات، والأوتوكار.. ولا تنتهي عند القسط الأول.
عالمٌ قائمٌ بذاته، لغته الأوراق النقدية.. و«العلم نورٌ».
أما صدور مرسوم منح التعليم عن الحكومة، والذي لحظ السنة الدراسية الماضية، فهو «زيادة في الإثم».. لأن وزراء المصلحة مجتمعين أو مختلفين، عامدين أو متناسين.. أغفلوا «بصورة مؤقتة، وإلى حين صدور قانون بالإجازة للحكومة»، العام الدراسي الذي سبقه. وكانوا كعادتهم مخيبين لآمال من عقدوا آمالهم عليهم.
معاش أيلول لا يمكن التعبير عنه سوى بلفظة «مسخرة». فهو في تبخّره السريع، يشبه قطرة ماء يتيمة في قعر ركوة فوق النار.. بالكاد يمكن أن تلحظ بخارها الهارب إلى فوق. ولأن الزحام أمام المدارس كبير.. ينظر الجميع بوعي أو بدونه.. إلى فوق. إلى كائن غير مرئي يمكنه أن يغير الواقع نحو الأفضل. والأفضل هنا، يتمثل حصراً في أن تبقى وريقات من المال في الجيب.
أوراق نقدية.. لا تمت إلى أصفر الأغنية و«ذكّرني فيك» بأي صلة.
عماد الدين رائف

Comments