حدّ السكين

محكومون باتباع المعايير المدنية المهنية في عملنا اليومي، مهما كانت تلك المهمة صعبة.
صعوبتها في تعرية الأحداث من مآرب ومصالح ومهاترات أمراء الزواريب وحواشيهم وأزلامهم ووسائل إعلامهم.. بهدف فهمها، ثم الانطلاق في رحلة السير على حدّ السكين للتعبير عنها وفق آلية لا تدعي الموضوعية في بلد اللاموضوعية، بل تقارب المهنية بصدق.
إن كانت قضايا الفساد هي أبرز ما يظهر من تلك المصالح.. فقد أثيرت على الشاشات والصفحات، ضد أزلام الطبقة السياسية. ثم تم تسخيفها وتتفيهها وحشرها في الأطر المذهبية "مين مع ومين ضد".
و"الصحافة الاستقصائية" اصطدمت بجدران المصالح الصلبة، فأثارت ثم انكفأت. ولُفلفت قضايا تطال ذوي السطوة المتحكمين برقاب الرعايا.
وقدّمت بذلك، من حيث لا تدري، خدمة غير مباشرة للفاسدين سياسياً وأمنياً، اقتصادياً ومالياً، معيشياً واجتماعياً.. وبات الفساد المستشري هو القاعدة وما خلاه مستغرب. إذ ما يُثار اليوم يخفت صوته غداً.. ولا من يحاسب.
فساد معشعش في كل شيء. تمريقاته وتزبيطاته وضبضباته يستحيل أن ينجو منها الكائن اللبناني. يقودُ من لم ينغمس في دورته إلى القنوط من أي إصلاح يمكن أن يطرأ. أي إصلاح يمكن أن ينتظره ذلك الكائن من معممي الفساد، بعد طلائهم إياه بشحن مذهبي مبرمج.. بعد شرائهم الذمم ترغيباً وترهيباً، وكمّهم أفواهاً وملئهم أخرى بملاعق من ذهب؟
السير على حدّ السكين لوضع الاصبع على الجرح مهمة لا يستهويها كثيرون. وانتقاء الكلمات في بلد اللامساحات يُعتبر تحدياً يومياً مرّاً. أما إسماعها لآخر متقوقع فيكاد يغدو مغامرة مجهولة النتائج.
آه من الكلمات!
عماد الدين رائف

Comments