شبر ميّ

خارج إطار التندر على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد كل شتوة، عن تحول البلد إلى مستنقع كبير.. وبالتوازي مع مشاهد البهدلة للعالقين في السيارات والفانات، أو محاولتهم السباحة في الوحول.. تكمن مأساة أخرى لا تنفع معها «خطط الطوارئ»، التي تسحب من الجوارير عقب كل كارثة.
لم يمضِ وقت طويل يخولنا أن ننسى عبقرية المعنيين بالطاقة والمياه وهم يقرون استيراد المياه من تركيا، على الرغم من التباس فكرة الاستيراد تلك، وعدم شرحها بشكل وافٍ للمستهلك. استطاع العباقرة أن يحولوا المياه من حق إنساني عام إلى مادة تجارية تخضع لأخلاق السوق، ومن ثروة وطنية إلى سلعة يتحكم بمزاريبها رأس المال.. قد لا يمكن الحصول عليها إلا بموجب بطاقة مسبقة الدفع.
آنذاك، أيضاً، لم يكن الوقت قد مرّ على اقتراح تصدير المياه من لبنان إلى قبرص، لأننا «نعوم على بحر من المياه العذبة»!
لم يعذب المسؤولون أنفسهم كثيراً في محو إمكانية تصديرنا للمياه فطرحوا ضرورة استيرادنا لها.
ذانك المشهدان، يضاف إليهما مشهد الأمس، لخير السماء وهو يحول الطرق إلى مجارٍ لأنهر مستحدثة ونحن نغرق في «شبر ميّ»، فيما نشتري نقلة الصهريج بالدولار، بغض النظر عن المفاجأة المفتعلة والمتواصلة بالمطر، ومحاولات تراشق التهم بين المعنيين.. والحق على السماء وحدها.
وإذا ما أضفنا خليط المشاهد تلك، إلى الحملات الإعلانية والتصريحات والندوات عن ترشيد المياه، والسدود والصفقات والدراسات.. لا يمكن أن يتبادر إلى الذهن سوى سؤال واحد: أي عصفورية نعيش فيها؟
عماد الدين رائف

Comments