شهداء الطرق

يحمل الصباح حصيلة حوادث السير "ثلاثة قتلى وعشرة جرحى في عشرة حوادث". نستمع إلى الخبر، غارقين في زحمة السير، ونحن نتجه إلى أعمالنا. يتألم المذيع للحظة. يربطها بـ"حصيلة الشهر الماضي 13 قتيلاً و1144 جريحاً".
ما الجدوى من تعميم أرقام القتلى والجرحى مجردة من أسبابها؟ إذ إن أهمية الحوادث تكمن في منع وقوعها، لا فيها.. وفي إمكانية استشراف حصيلة الشهر الحالي من الفائت؟
أرقام تطوي أرقاماً، نعبر أمامها بلا اكتراث، مع أنها أكثر خطورة من أي أمر آخر. نبحث عن خبر "أكثر إثارة"، عن موقف سياسي أو حزبي أو طائفي، ليصبح خبر شهداء الطرق عابراً، ويومياً، وعادياً.
شهدت السنوات الأخيرة تحركات ومؤتمرات وورش عمل ومشاريع ومبادرات، بشأن السلامة المرورية وإدارتها، والطرق والمركبات الأكثر أماناً، وخفض نسبة ضحايا الاصطدامات. وبحثت في كيفية ملاءمة طرقنا لمعايير دولية، وفي الاستجابة للحوادث والفرق المتخصصة. وشهدت تسارعاً في وتيرة محاضرات وطاولات مستديرة عن التوعية بشأن أسباب الحوادث ومسببيها، عن "النقط السوداء" وكيفية تلافيها.. وأقيمت نشاطات تحضّ على جهود مشتركة من الدولة ومؤسساتها ومنظمات المجتمع المدني والأهلي والخبراء، للحد من الحوادث. ذلك إلى جانب حملات إعلانية وتوعوية تتكاثف حيناً وتفتر أحياناً.
إلا ان الفترة عينها، شهدت فيضاً من السيارات من مختلف الأنواع والأحجام "بمتناول الجميع" وبـ"التقسيط المريح".. وربما شهدت كذلك، زيادة في سوء الفهم بين معظم حاملي رخص السوق من جهة، وكل ما هو حولهم من سيارات وشوارع وأزقة، وعابرين وأرصفة، ومطبات وإشارات ضوئية.
وكأن كل الجهود عابرة، كأعداد شهداء الطرق.
عماد الدين رائف

Comments