عكار المحافظة

مع كل شكوى يرفعها مواطن لاهث وراء ختم قرب الحدود الشمالية، مع كل صرخة لا يصل صداها إلا مجتزأ مسيّساً، مع كل حرقة جراء الحرمان من خدمة بسيطة.. يعاد طرح سؤال مزمن عن غياب التنمية والأموال المخصصة لعكار المحافظة، بموازاة استمرار استهلاك السؤال نفسه سياسياً من قبل من يفترض فيهم الإجابة لا الاستفسار المقنّع ببراءة مفقودة. وكأنه وجد ليبقى سؤالاً بلا جواب أو استجابة، يطرح للاستهلاك المرحلي، ولا يحرج أحدا من نواب يمددون لأنفسهم، أو وزراء لمصلحة.
نحو العام 1886 نقل محمد باشا المحمد مركز قضاء عكار العثماني التابع لسنجق طرابلس من البرج إلى قريته. فبات في حلبا بجهد قائمقامها الجديد على الخريطة السياسية لوطن مستقبلي. حافظت المدينة على وضعها بموجب القرار 336 للعام 1920، فدخلت لبنان الكبير كمركز قضاء تابع لمتصرفية لبنان الشمالي ومركزها زغرتا. ثم تغيرت الأحوال فعرفت عكار نوعاً من اللامركزية الإدارية، لتقسم حينذاك إلى قائمقاميتين أو مديريتين أو مديريات.
أنشئت مديريات على ورق وألغيت وعدلت، إلى أن ألغى إميل إده ثنائية حلبا – القبيات، بمرسوم المحافظات في شباط 1930، فبقى القضاء تابعاً لمحافظة لبنان الشمالي 73 سنة، إلى أن اعلن محافظة مركزها حلبا التي نمت وتمددت ونما الحرمان معها وتمدد.
اليوم، وبعد 128 عاماً على ظهور حلبا إدارياً، وأحد عشر عاماً على إعلانها مركزاً لمحافظة لم ينفعها أي من التقسيمات الإدارية أو التسميات التي حظيت بها، وباتت إحدى عواصم الحرمان المستدام في العالم.. خجولة، قانعة بما قسم الساسة لها من قدر، وإن تباكوا عليها بين حين وآخر.
عماد الدين رائف

Comments