من الصديق علي عوّاد – قراءة في الكتاب

 يقدم لنا الكاتب والصحافي والصديق عماد الدين رائف كتاب "حكايات كوندوروشكين – لبنان قبل قرن بريشة روسية"، وهو عبارة عن مجموعة قصص للكاتب والمعلم الروسي ستيبان كوندوروشكين، تطرح إضاءات كثيرة حول الحياة التي كانت سائدة في منطقتنا من منظور روسي، خلافاً لما اعتدنا على قراءته من قبل.

إن أول ما يلاحظه القارئ هو عملية الوصف الدقيق لكل شيء، من الطبيعة كتدحرج المياه في الجدول، وصولاً إلى لحظة الجمال التي رسمتها "بنت البيدر"، من خلال رقصها وطريقة تمايل جسمها مع وجهها الموشوم.

قبل بدئي بالقراءة، تمالكني الثقل إذ أنني لم أحب يوماً أن أقرأ أي شيء عن تاريخ بلادنا (ربما هو الملل من كل شيء هنا)، إلا أن النمط السردي و كثرة التوصيف تدخلنا بحالة من القراءة النهمة، فنسرع الخطى ونقلب الصفحات لننهي قصة، ونبدأ أخرى.

تروي لنا تلك القصص العادات و التقاليد الاجتماعية اليومية في تلك الحقبة من الزمن من خلال أحداث حصلت خلال تواجد ستيبان في المنطقة، حيث كان يعمل في الحقل التربوي.

من المثير للدهشة أن تجد أن مجمل المعضلات الأخلاقية ومشاكل الحياة اليومية حينها شبيهة جداً بما نعيشه في وقتنا الحالي، ربما استبدلنا الأحصنة بالسيارات والسراج بالأضواء، إلا أن الحالة العامة ما زالت كما هي.. تهليل للزعيم وللثري وخوف وخشوع لأوامر رجال الدين، زد عليهم محاربة أي فكرة جديدة من دون التأكد من تأثيرها وجدواها.

تأخذ قصة "شاهين هدلا" الحيز الأكبر من الكتاب، وهي تحكي المعاناة والاضطهاد الذي لحق بالمسيحيين على يد المسلمين في الزمن العثماني. هو وصف يبدو مبالغا فيه قليلا، ربما أراد ستيبان أن يصلب المسيحيين في قصته لاستعطاف روسيا، ويأتي بدعم أكبر لهم.

يبدو جليا الجهد المبذول من قبل المترجم - الكاتب في تجميع المنشورات و ترجمتها بأسلوب متين محاك بطريقة حافظت على النصوص، ليخال القارئ أن ستيبان كتب باللغة العربية.

علي عوّاد

Comments