"فنانون روس رسموا لبنان" معرض في موسكو

اختتمت فعاليات معرض "فنانون رسموا لبنان: كورليوف، بليس، بورادا"، في "بيت المغترب الروسي" في العاصمة الروسيّة موسكو، والذي ضمّ الأعمال الأصليّة لأربعة فنانين روس عملوا في ميدان الرسوم التطبيقية هم بافل كوروليوف وفلاديمير بليس والزوجان سابينا وميخائيل بورادا، وهي عبارة عن طوابع بريدية وأميرية وضريبية ومالية، وعملات ورقية ومعدنية، ولوحات لأوراق اليانصيب الوطني ورسوم توضيحية للكتب والقواميس والمراجع، وخرائط، وأوراق اعتماد السفراء اللبنانيين في الخارج. المعرض الذي نظّمه الباحثة الروسية اللبنانية تاتيانا كوفاشيفا – بحر، وصاحب "المعرض الدائم لطوابع البريد" خليل برجاوي، والزميل الصحافي عماد الدين رائف، ومن "البيت الروسي" يلينا كريفوفا، كان محل اهتمام الباحثين والمؤرخين والفنانين الروس وهواة جمع الطوابع والعملات والجاليات العربية في المدينة، وحظي بتقدير من "بيت المغترب الروسي" و"أكاديمية الطوابع البريدية الروسية"، بالإضافة إلى "البريد المركزي الروسي" الذي أصدر بطاقة بريدية خاصة بالمعرض وختما بريديًّا حمل شعار الأرزة اللبنانية.
وكان المعرض قد انطلق الأسبوع الماضي بحفل افتتاح رسمي برعاية سفارتي لبنان في روسيا الاتحادية وروسيا الاتحادية في لبنان، بحضور القنصل ميلاد نمّور ممثّلا السفير اللبناني في موسكو شوقي بو نصّار، الملحق العسكري في السفارة العميد سمحات، الملحق الثقافي السابق لدى السفارة الروسية في بيروت البروفيسور سيرغي فرابيوف، ممثل وزارة الخارجية الروسية دنيس أرسينتسيف، مدير "بيت المغترب الروسي" فيكتور موسكفين، وعدد من المستشرقين والفنانين وممثلي "أكاديمية الطوابع الروسية"، والبريد المركزي الروسي، وأعضاء من "البيت اللبناني في روسيا" ومن الجالية اللبنانية في موسكو، ومهتمين وهواة جميع الطوابع والعملات، إلى جانب منظمي المعرض.

موسكفين
في الحفل، عبّر مدير "بيت المغترب الروسي" البروفيسور فيكتور موسكفين عن سروره باستضافة مؤسسته للمعرض، وهي ليست المرّة الأولى التي يستضيف فيه البيت الروسي نشاطات ثقافية تتقاطع فيها الثقافتين الروسية واللبنانية، حيث استضاف قبل سنتين معرض "الروس في لبنان" لمناسبة الذكرى السبعين على إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكذلك معرض الفنان الروسي اللبناني غريغوري سيروف، حفيد الرسام الروسي الكبير فالنتين سيروف، بالإضافة إلى زيارة ممثلين عن البيت الروسي إلى لبنان للاطلاع على موجودات "مكتبة الجمعية الفنية والتقنية الروسية"، التي كانت قد أنشئت في عشرينيات القرن العشرين. وثمّن موسكفين عاليًا جهد المنظمين، مؤكّدا على أهمية الاستمرار في تنفيذ أفكار تقرّب المسافات بين الشعبين وتكشف عن الإبداعات الكثيرة التي لم يكشف عنها بعد. ومنح موسكفين المنظمين دروع شكر باسم بيت المغترب الروسي.  

نمّور
وتحدّث القنصل نمّور، مستشار السفير اللبناني، مركّزا على أهمية اختيار مكان المعرض، فبيت المغترب الروسي يحمل اسم الكاتب والمؤرّخ ألكسندر سولجنيتسين، الحائز على جائزة نوبل للآداب، ذلك في وقت تضاءلت أهمية الثقافة والفنون في عالمنا، وتراجع مستوى القراءة. وقال: يضمّ المعرض الذي نفتتحه اليوم أعمالا لفنانين روس كبار، هم بافل كورليوف وفلاديمير بليس وميخائيل بورادا وزوجته سابينا، وما يعنينا كلبنانيين هو شغفهم بلبنان منذ أربعينيات القرن الماضي وحبّهم للبقاء فيه والمساهمة الفعالة من خلال مواهبهم في بناء مؤسساته. وأضاف نمّور: إنها فرصة عظيمة لنا اليوم أن نعرف خصوصًا نحن اللبنانيين أن كثيرًا من وثائقنا الحكومية صممها هؤلاء الفنانون الروس. وهي تتناول أعمال جميع الوزارات من خرائط ومسوحات للأراضي ووثائق للجيش وطوابع بريدية وضريبية ومالية، مرورًا بمسائل تخصّنا نحن الدبلوماسيين كأوراق اعتماد السفراء اللبنانيين في الخارج، وصولًا إلى تذاكر اليانصيب الوطني. وشكر نمّور منظّمي المعرض.
من جهته، حيّا أرسينتسيف باسم مدير قسم العمل مع الروس في الخارج في وزارة الخارجية الروسية أوليغ ميغينوف منظمي المعرض، مثنيًا على جهودهم التي تعزّز العلاقات بين الشعبين. كما تحدّث فرابيوف عمّا قدمته الجالية الروسيّة في لبنان، عبر خبرته في عمله الطويل في الحقل الثقافي في بيروت. وعبّر رئيس جمعية هواة الطوابع الروسية ونائب رئيس "أكاديمية الطوابع الروسية" أرسين فارتانيان عن أهمية الطابع البريدي، ليس فقط كوثيقة رسميّة، بل كناقل للثقافة من بلد إلى بلد، معتبرًا أن الفنانين الروس تمكنوا عبر عملهم في لبنان من نقل حضارته إلى العالم وفي ذلك تكمن أهمية أعمالهم، وتلك الأعمال تعكس بدورها أهميّة مدرسة الرسم التطبيقي الروسي، حيث تحمل سماتها. وحيّا باسم "اتحاد هواة الطوابع في روسيا" منظمي المعرض.

كوفاشيفا بحر
تحدّثت الباحثة بحر عن تاريخ الجالية الروسيّة في لبنان، ووصول أفراد من الحركة الروسيّة البيضاء إلى بيروت عبر إسطنبول إثر الثورة البلشفية في عشرينيات القرن الماضي، وتأسيسهم جمعية فنية ومدرسة ومكتبة وفرقة مسرحية. وتوقفت بالتفصيل عن حياة كورليوف الذي منح لبنان تصاميم هامة للطوابع المالية والبريدية والضريبية، والعملات الورقية والمعدنية، والأوسمة وأوراق اعتماد السفراء والخرائط، والمستندات التابعة للوزارات المختلفة، وتعاونه مع الفنان بليس في عدد من التصاميم، بالإضافة إلى عمل بليس المنفرد على الطوابع البريدية. وأعطت الكلمة عبر الفيديو إلى الزوجين المعماريين سابينا وميخائيل بورادا، اللذين يعيشان في باريس، فتحدثا عن عملهما على تصميم 12 مجموعة طوابع بريدية للبنان في الستينيات وعن حياتهما في لبنان، وتوجههما إلى باريس لقضاء عطلة لهما عند اندلاع الحرب الأهلية حيث لم يتمكنا من العودة إلى بيروت.  

رائف
تحدّث الزميل رائف عن تطوّر رسم الرمز الوطني اللبناني – الأرزة، ومساهمة الفنانين كورليوف وبليس فيه بين العامين 1942 و1975، وذلك كنموذج عن الموضوعات التي يتناولها المعرض. وتطرّق رائف إلى ظهور الأرزة كرمز وطني لبناني أيام السلطنة العثمانية، ورسمها على راية بيضاء في سان باولو على يد المهاجرين اللبنانيين، قبل توسطها العلم الفرنسي في فترة الانتداب، ثم رسم علم الاستقلال في بشامون وظهور الأرزة على علم الجمهورية الفتيّة المستقلة في العام 1943، قبل التعديلات الأخيرة التي لحقت برسمها بعد اتفاق الطائف. وتوقف عند التطوير الذي ألحقه كوروليوف، الذي رسم علم الدولة المستقلة للمرة الأولى على طابع بريدي، ثم تكرر رسم الأرزة بشكل مستمر على طوابع بريدية على يده ويد بليس، وصولًا إلى شكل الأرزة على العملات المعدنية التي تم التداول بها حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

برجاوي
من جهته، تحدّث برجاوي عن أهميّة الطابع البريدي كناقل للثقافة بين البلدان المختلفة، وقال: طوابعنا هي كتبنا التي نقرأ فيها. طوابعنا كنوز معرفة ونبع ثقافة لا ينضب. وحتى لا تبقى هذه المعارف سجينة في الكتب والخزائن، أسّستُ بجهد فردي متحفًا دائمًا لطوابع البريد في النبطيّة، على مساحة مئتي متر مربع. افتتحته في آذار 2012. وشرّعت أبوابه للمهتمين وطلاب المدارس والعموم في زيارات مجانية للقيام بجولة بانورامية حول لبنان والعالم من خلال الطوابع. كما بادرت إلى إقامة المعارض المتنقلة في كثير من المدن اللبنانية، وذلك في المناسبات الوطنية والمهرجانات الثقافية. وخصصت المدارس بمعارض توجيهية تربوية مصحوبة بمحاضرات وشروحات للطلاب. كما قمت مع زملاء لي بطباعة البطاقات البريدية والأغلفة ذات الصلة، لتعميم الفائدة". وأضاف: "بدأ لبنان بإصدار طوابعه البريدية في العام 1924، أي سنة تشكيل الإدارة المحلية لبريد لبنان الكبير، الواقع تحت سلطة الانتداب الفرنسي. حتى يومنا هذا، تتألف المجموعة اللبنانية من نحو 1600 طابعًا، رسم منها كوروليوف، وبليس وبورادا نحو 425 طابعا تتضمنها 82 مجموعة، أبرزت مكامن الجمال في لبنان. وكانت الريشة وأقلام التلوين خلاقة بين أناملهم، رسموا بها طوابعَ جميلة زيّنت رسائلنا حتى صارت هي رسائل بحد ذاتها تحكي للعالم أن هناك ثمّة بلدًا رائعًا هو لبنان".

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام

Comments