الأجنة الميتة

12 في المئة من ولادات النازحين السوريين في عرسال «أجنة ميتة»، ولديهم «مئة حالة ولادة شهرياً». «أطفال يولدون مشوهين خلقياً».. «معلومات صادمة» تقدمها صحف عالمية، في تقارير لها، إلى القارئ «العالمي».. لكنها باتت شبه عادية لدينا، وجزءاً من يوميات النزوح في سنته الرابعة.
ما قيمة الاتهام السياسي المرافق لتلك «المعلومات الصادمة»؟
ما تتضمنه التقارير المنشورة عن النازحين، محلياً ودولياً، من اتهامات للنظام أو المعارضة، لكل منهما على حدة أو لكليهما معاً، باستخدام أسلحة كيميائية محرمة دولياً، ليس سوى ابتذال لصرف النظر عن المأساة الحقيقية. وما يُقصد منه استدرار عطف ما خلف البحار، لا يجدي نفعاً مع القتل.
ذلك فيما أرباب «حقوق الإنسان» والمطبلون والمزمرون للاتفاقيات الدولية، لم يحركوا ساكناً لمنع المأساة. بل تشكل الحرب الدائرة في سوريا، وما أنتجته من نزوح هائل، مسرحاً لفساد عدد من المنظمات الدولية وشركائها المحليين. المأساة تؤسس لمشاريع مستدامة.. «إنسانية» في ظاهرها، لكنها «استثمارية» تدرّ مبالغ مالية ضخمة على جمعيات امتهن بعضها الاستغلال.
تُصرف معظم الأموال المصرح عنها على خبراء، واستشاريين، ومعدّي تقارير، وزيارات وجولات ميدانية، وإقامات في فنادق، وسيارات مستأجرة للوفود.. أما ما لا يصرح عنه من أموال تستجلب بتقارير مستنسخة مرسلة إلى أكثر من ممول، فإلى حسابات البنوك.
نحن شهود على مأساة يبدو الاتهام السياسي تافهاً أمامها.. مأساة تدمير أجيال من الأطفال السوريين.. الأطفال الذين كان يُفترض بهم أن يتحولوا إلى بناة مستقبل بلادهم.. فإذا بهم أجنة ميتة.
عماد الدين رائف

Comments