مقابلة مع الباحثة الروسية اللبنانية تاتيانا بحر

ولدت الباحثة الروسية - اللبنانية تاتيانا بحر، في مدينة لينيغراد السوفياتية، وتخرجت من كلية اللسانيات في جامعة لينيغراد الحكومية، أستاذة للغة الروسية وآدابها، وباحثة في اللغويات. وهي تعيش منذ العام 1995 مع عائلتها في مدينة صور الجنوبية.
وتعتبر تاتيانا أن من يقطن مدينة صور، لا بد له أن يهتم بشكل مباشر بالتراث والتاريخ. وقد اهتمت تاتيانا منذ ذلك الوقت بتاريخ صور وأبنائها القدماء، والميثالوجيا الفينيقية، ذلك بالإضافة إلى تاريخ المدارس الروسية في لبنان.
وكرست تاتيانا وقتاً وجهداً كبيرين أثناء إقامتها في لبنان لجمع الحكايات التاريخية الشعبية، بالإضافة إلى المذكرات الشخصية. وأنتجت ثلاثة كتب، مبنية على تحليل الوثائق التاريخية. وترى أنه حيث تكون المصادر التاريخية محفوظة، يكون عملها كباحثة.
وقد كان لبرنامج "حديث روسيا" لقاء مع تاتيانا بحر على هامش الاحتفالية الكبيرة التي أقيمت في موسكو لمناسبة الذكرى الثلاثين بعد المئة للجمعية الإمبراطورية الأرثوذوكسية الفلسطينية، عن علاقتها بالمناسبة، تقول: شاركتُ في اليوم المخصص للجمهورية اللبنانية، من الاحتفالية، التي أطلق عليها تسمية "روسيا في الأراضي المقدسة، مئة وثلاثون عاما على الجمعية الإمبراطورية وعلاقتها بشعوب الشرق الأدنى". وترافقت المشاركة مع تقديم كتب بالعربية والروسية من قبل المشاركين، بالإضافة إلى لوحات لبنانية تراثية راقصة، ومعرض لرسوم الفنان اللبناني نزار ضاهر. وقدمتُ في الاحتفالية، إلى جانب أمين المتحف الوطني لتاريخ الأديان في مدينة بطرسبورغ بيوتر فيدونوف، كتابَ المدارس المسكوبية في لبنان 1887 – 1914.

أما عن فكرة الكتاب الذي قدمته في موسكو، فقالت تاتيانا بحر:

انطلقت الفكرة عندما اطلعت بتمعن بواسطة الانترنت على مجموعة صور الجمعية الإمبراطورية، حيث تحفظ مجموعات الصور. وينتمي مشروع تجميع الصور المتعلقة بتلك الحقبة، إلى المتحف الوطني لتاريخ الأديان، ويؤرخ بالصور للفترة الممتدة بين العامين 1885 و1917. ويحتوي الكاتالوغ الإلكتروني على سبعة آلاف صورة ذات قيمة علمية كبيرة، ويمنح الباحثين المادة الخام الضرورية للعمل على دراسات علمية عن تواجد الروس في الأراضي المقدسة. وهكذا تمكنت من الوصول إلى صور لبنان في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن الماضي، وهي مجموعة كبيرة لا تتعلق بالمدارس الروسية فحسب، بل تتناول لبنان بمدنه، وقراه، وطبيعته بشكل عام، أي أنك من خلالها يمكنك الاطلاع على لبنان ذلك الزمن بعيون الروس.
وهكذا توجهت مع فكرة طباعة ألبوم صور تلك المرحلة إلى الملحق الثقافي والإعلامي في السفارة الروسية في بيروت الدكتور سيرغي فرابيوف. وبفضل اهتمامه الكبير، انطلق المشروع. كما لا يمكن أن أغفل عناية السفير الروسي ألكسندر زاسيبكين بالعمل.
وقد بدأ العمل على الكتاب في بطرسبورغ، في المتحف الوطني لتاريخ الأديان، وهنا أقدّر بالغ التقدير إدارة المتحف، لإتاحتها لنا الوصول إلى الأرشيف الرقمي للصور، وذلك بمشاركة فاعلة من الباحث الدكتور فيدوتوف.


وتوضح بحر كيفية العمل على إعداد الكتاب، تضيف:  

من المرحلة الأولى، أي مرحلة العمل على اختيار وتصنيف الصور، بدا واضحاً لنا كمية الصور المتعلقة بأرشيف لبنان كبيرة، وقد ضمت مجموعات لمصورين بارزين، مثل بارشيفسكي، وغاغارين، وياكوبوفيتش، وحبيب هواويني، وبرنارد إيديلـ شتاين، وبونفيس، ودوما، وغينتشل، وفريش، وغود، وبروجي، واسبيردون شيبا، وغيرهم.
وفي المجموعة أكثر من ثلاثمئة وسبعين صورة، لم ينشر منها شيء في وقت سابق، وليست معرفة سوى لعدد قليل من الناس. وهنا وقفنا أمام سؤال: هل ننشر صورا مختارة من المجموعة، أم نحدد موضوعاً واحداً نختار له صوره، وننشر كل الصور المتعلقة به؟ فرجحنا الخيار الثاني. وهكذا أخذ الكتاب طابع نشاط الجمعية الإمبراطورية على الأراضي اللبنانية عبر مدارسها بشكل توثيقي، لاسيما وأنه بالتزامن مع الاحتفالية بالذكرى الثلاثين بعد المئة لانطلاقة الجمعية، يكون قد مرّ مئة وخمسة وعشرون عاماً على إنشاء أول مدرسة روسية في لبنان. وبعد عودتنا إلى لبنان استمر العمل على الكتاب، ليأخذ عنوان "المدارس المسكوبية".
والبحث لم يعتمد على المتاحف والمكتبات، والأرشيف الحكومي في روسيا، بل تعداه إلى الأرشيفات الخاصة لأقارب المدرسين الذين عملوا في لبنان. وبطبيعة الحال لم تنشر في الكتاب كل المواد البحثية، بل هو عمل قيد التطوير، والكتاب يؤسس لمرحلة مقبلة من العمل على استكمال التوثيق، فنحن ما نزال في بداية البحث.

المصدر: أرشيف برنامج "حديث روسيا من أجل الصداقة والسلام"، تموز/ يوليو 2012. 

Comments