قبر حيرام

إن وصلتَ إلى مدينة صور، فاهتدِ إلى «البوابة». هناك يَسهلُ التفاوض مع سائق أجرة ليقلك إلى مدخل بلدة حانويه ببضعة آلاف. إن أفصحتَ عن وجهتك سينظرُ إليك باستغراب. قبرُ مَن؟ حيرام؟ كان يظنّ أن اللفظة تابعة لمدرسة، أو متنزه، أو مستشفى.
لكن لا عليك. تسلّح بما ذكره روحي جميل في «الدليل الأخضر» (1959)، حين كان ماضي الجمهورية الفتية أملَ المستقبل. كان يحثُ السيّاح على زيارة ذلك «الناووس الضخم المدهش، المؤلف من حجرة واحدة».
ذكره السيد محسن الأمين، كذلك، في «خططه»، تابوت من الصخر مبني بالصخور العظيمة.. «ووُجد بجهاته قبر فيه تابوت ملبس بالرصاص عليه كثير من الصور والنقوش العجيبة». وأشار الشيخ إبراهيم سليمان في «بلدانه» إلى أن جماعة من «الإفرنج حفروا جملة حفائر (نحو 1882)، وأخذوا جملة أشياء غريبة حتى قيل: إنهم أخرجوا تابوت حيرام». وإلى جانب القبر من الغرب حفروا فوجدوا داراً... وكانوا يقلعون الصور بأحجارها، ويضعونها داخل صناديق.
قيل إن حيرام أعظم ملوك فينيقيا. وإن علاقة ودية ومثمرة جمعته بالملك داود، ومن بعده بابنه سليمان. قيل إن الماسونيين يبجّلونه ولا بد لكل منهم من زيارته ولو لمرة في العمر. وقيل إن الغزاة الصهاينة نبشوا منه ما نبشوا وسرقوا منه ما سرقوا. ويقال غير ذلك...
إلا العبرة ليست في ما قيل ويُقال. ستجد الحقيقة ماثلة أمامك. ما هي إلا لوحة يتيمة لوزارة الثقافة، وقبر أثري ضخم على بعد مترين من الزفت، صار هدفاً لأكياس زبالة العابرين، الذين ربما، لا وقت لديهم للتاريخ.
عماد الدين رائف

Comments