كبارنا

مسنون يلتقطون كسرات الخبز من شوارع الأحياء الشعبية في بيروت لسدّ الرمق، أو يستعطفون المارة بسيجارة، أو بما يضمن شراء ساندويش.. لبنانيون هم. وليسوا «نازحين»، أو «لاجئين»، أو «وافدين». لكن رمتهم أقدارهم بسياسات أرذل ساسة، في «أرذل العمر». 
المشهد يجب ألا يغدو عادياً، فللمسنين حقوق دولية مشروعة ودامجة. وكذلك حقوق على مجتمع، لم يعد يحترم كباره إلا في ما ندر. 
وبعيداً عن الغداءات والعشاءات التابعة لجمعيات لا يُسمع بمعظمها إلا في مناسبات يرعاها وزير هنا ونائب هناك. تضمن الشرائع الدولية لهم «الحصول على ما يكفي من الغذاء، والماء، والمأوى، الملبس والرعاية الصحية». والعيش في بيئات آمنة. 
ولعل اللافت «مبدأ الكرامة». فعلى الدولة أن تضمن عيش المسن «في كنف الكرامة والأمن. وأن يعامل معاملة منصفة.. وأن يكون موضع تقدير». 
محلياً، أنشئت «الهيئة الوطنية الدائمة لرعاية شؤون المسنين» بقرار مجلس الوزراء رقم 31/1999. وشُكلت في آب 2010، لتضم وزير الشؤون إلى المدير العام، إلى رئيس «مصلحة الشؤون الأسرية»، ومندوبي وزارات التربية والصحة والعمل، و«الضمان الاجتماعي». لكن الهيئة، كمعظم الهيئات، لا يذكر عنها سوى تشكيلها، ونشاطات تحوم حول الوزارة. 
في بيروت، ولما كانت «الشكوى لغير الله مذلة». ثمانيني وزوجته، يدفعان عربة خضار في أزقة أرض جلول. يدفعانها ببطء حتى تكاد لا تشعر بحركتهما. من حولهما ضجيج الحيّ. السيارات تتجاوزهما، المارة كذلك. على العربة العتيقة قدران. أحدهما للفول وآخر للترمس. إن باعا شيئاً اشتريا خبزهما كفاف يومهما. لبنانيان منذ أكثر من ثمانين عاماً، ربما، يتمنيان لو ألصقت بهما صفة «نازحين»، أو «لاجئين»، أو «وافدين».
عماد الدين رائف

Comments