ارحموا الأطفال

«ليه عمّو غضبان؟ ليه عم يعيّط علينا؟». توجه ابنة السنوات الخمس سؤالها إليّ بعين دامعة. أنظر إلى الشاشة أمامي. سياسيٌ يصرخ كعادته على خلفية انفجار... ويفعل بالعباد ما يشاء. أُطفئ التلفاز. أحاول أن أمسح الصورة من ذهنها. أن أعيد إليها الابتسامة.
قبل سبع سنوات، في مثل هذه الأيام من آب 2006، كانت بوادر مرحلة «النهوض المبكر» قد بدأت بالظهور. أحد المشاريع التي نفذت خلال مراحل إزالة ركام عدوان تموز، سُمّي بـ«الأماكن الآمنة للأطفال». فكرته بسيطة. غرفة، أو شبه غرفة، جيدة التهوئة والإضاءة. جدرانها مطلية بالرسوم، وفيها كمية كبيرة من الألعاب والألوان، وشابة متطوعة تدير النشاطات وتحرص على خلق الابتسامة على الوجوه الصغيرة.
كان الأطفال الذين يتقاطرون إلى ذلك «الملاذ» يرغبون بالبقاء فيه. ربما لدقيقة أكثر. كي لا يعودوا إلى الواقع. إلى حيث غبار الانفجارات ورائحتها. حظي المشروع بكم من السخرية آنذاك. فما الجدوى من إدخال طفل إلى واقع مختلق، ثم إعادته إلى آخر مزر؟ واقع يحتله الساسة وأشباه الساسة بعد كل مصيبة. وكأن المصيبة وحدها لا تكفي!
تحمُّل عبء الانفجار، والسياسي، والمحلل العبقري الذي يأتي بعده، و«التوك شو» الملغوم... كلها من مهمات الأهل. الآباء والأمهات. ليست من مهمات الأطفال.
ارحموهم. فإن كان من المتعذر أن نطلب الرحمة من إرهابي يقتل الأبرياء، أو من سياسي تحجّر قلبه، أو من محلل يحلم بمنصب ما، أو من مقدم برنامج حواري يقتات من الرعب... فارحموهم أنتم. «لا تجبروا أولادكم على عاداتكم. فقد خلقوا لزمان غير زمانكم» الموبوء.
عماد الدين رائف

Comments