وردة محمد دكروب

لكل واحد منا حكاية معه.
أجيال شهدت الانتصارات والانكسارات تابعها محمد دكروب بشغف. كان يبحث عن كل جديد، يبث الأمل أينما حلّ.
«السمكري» المحب للفقراء، ارتقى إلى حرفة، قلةٌ قليلةٌ تستطيع الغوص في مسالكها. حرفة إعادة «سمكرة» الأدوات الفكرية، لتتلاءم مع الطارئ والمستجد... ومحاولات تقديمها إلى شاب يريد مراقصة فكرة، أو فتاة تنتشي بلحن نصّ.
في زمن الضمور وتصحر الإنتاج الفكري، كان دفعُهُ دائماً إلى الأمام. في زمن «الجورة» التي حلّ بها الماركسيون بعد نفق الحرب الأهلية. في زمن الأسطوانات المستعادة، والعلك المقزز، والتغني بأمجاد من سبقوا.. كان يدفع بنا إلى فوق.. إلى الخروج من دهاليز المتاهة، فيما المتلهون بالقشور كانوا وما زالوا يحفرون ويحفرون إلى درك آخر.
العودة إلى الأصل، واختيار ما يصلح منه لفكرة أو حدث، ولإخراج نتاج ذلك في كلمات شبابية، ليست حرفة عادية. إنها فنٌ نجح فيه محمد، كما نجح في عشق المدينة، وتقمص كل راقٍ فيها ليضيفه إلى تجربة عقود. يطال محمد من صندوق عدة الستينيات والسبعينيات ما يصلح، يعيد صقله، ليخرج من بين شفتيه المبتسمتين «ناراً حيناً حباً أحيانْ».
المشاغب المبتسم، المحفّز دائماً للشباب، المتقن لحب الحياة، الخبير ببريق العيون، يغادرنا. يضمه اليوم ثرى «الشهيدين» جسداً، أرهقته السنون.
بائع الياسمين طفلاً، امتد به العمر ليزرع في كل منا عبق ياسمينه. تفتقده العيون التي تعودته، تعودت أن تقرأ كلماته، وأن تقرأ في ابتسامته ما وراء تلك الكلمات.
لنا عبق ياسمين أفكاره.. وله وردة حمراء.
عماد الدين رائف

Comments