تلحيم وطن


«تلحيم خزانات المياه» مهنة لجأ البعض إليها، تحت ضغط الحاجة، بعدما باتت الخزانات التي تزين سطوح الأبنية، مصنوعة من مادة البلاستيك. 
تلك الخزانات، ولأسباب مختلفة، يصيبها التفسخ حيناً، إما لعدم جودة موادها أو بفعل الزمن. وتثقب بفعل فاعل أحياناً. أما المشكلة الفعلية فتكون بتدخل خارجي، عندما يدوس أحدهم على تمديداتها الظاهرة، فيكسر الوصلة الخارجية بالقسطل. فيظن البعض أن الخزان يجب أن يُستبدل بآخر جديد. 
تقتضي أصول المهنة أن تجد قطعاً مختلفة الأنواع والأحجام من البلاستيك المستعمل في صناعة الخزانات. أن تحصل على الكاوي الكهربائي المناسب، و«سيشوار». يجب أن تنظف الخزان من أي شوائب قد تعيق عملك، وأن تلج من فتحته مع خوذة مزودة بلمبة، في ما يشبه المغامرة. وتبدأ بتلحيم التشقق أو الثقب، بقطعة من نوع البلاستيك نفسه. 
المهنة متعبة، لا بل مرهقة ويدوم تلحيم تشقق واحد في جدار الخزان لساعات. وحيث لا يمكن استبدال الخزان بآخر، تصبرُ على العمل الدقيق المتواصل، ويصبرُ المنتظرون للمياه. 
كيف بنا ونحن في وطن، هو خزاننا جميعاً، لا خزان لنا غيره؟ 
خزان مائنا وهوائنا، وعيشنا وعيش أولادنا. خزان آمالنا وأحلامنا، وقد بات عرضة للمخاطر مجتمعة. 
سياسيوه وأزلامهم يحدثون شقوقاً نحو الخارج القريب والبعيد، آخرون يحاولون ثقب حدوده. ومن الخارج لا ننتظر إلا من يدوس علينا وعلى إرادتنا، ومواطنيتنا.. ويكسرنا. وترانا مستسلمين لقدر لم نساهم في صنعه. إنما بقينا متفرجين على التخريب المتعمد، والفساد والإفساد. وكانت مقاومتنا ضعيفة، واستسلمنا لقسوة الواقع. 
ألا يستأهل الوطن من مواطنيه إيجاد طريقة لتلحيمه؟ 
عماد الدين رائف

Comments