الأول من أيار


يرتبط الأول من أيار، في الذهن، بما تمتمت به «الأم» في رواية ماكسيم غوركي: «لو لم يمتِ الناس من أجل المسيح، من أجل الرب، لما كان ثمة مسيح أبداً!».
«الأم» كانت تعلم بأن ابنها، وحيدها، «بافل» يقود العمال المعدمين في عيدهم، تحت لوائه نحو غد أفضل، مهما كان بعيداً ذلك الغد... ويقود نفسه نحو السجن الذي يضم، بالفعل أو بالقوة، كل المنادين بالحقوق.
تلك الحقيقة يصعب تصورها لدينا. فعلى الرغم من أن «العامل» حظي بحيّز من كتب القراءة العربية والتربية المدنية، في مرحلة التعليم الأساسي، إلا ان مفهومه يبقى مبهماً. فمن هو العامل؟
العامل لا يُطرح كقوة تغييرية، في مجتمع لا ينظر إلى العمل كقيمة بذاته. المجتمع ينظر إلى العامل كتابع لطائفة أو منطقة.
لكل طائفة عمالها، وفئتها المسحوقة. ولم تلتق الفئات المسحوقة في الطوائف يوماً، لتشكل «فئة شعبية» واحدة. لم تجتمع لتتلمس قضاياها المشتركة، ولترفع لواء حقوقها. يُقال إن تقارباً ما قد تمّ قبيل الحرب الأهلية، إلا ان المتاريس قضت عليه. مرحلة ما بعد الطائف كثفت التمترس، وكرست سطوة حيتان المال.. فقضت على الأحزاب والنقابات التي أرهقتها الحرب. وجيّرت معظم ما تبقى منها لحسابات ومصالح شخصية وفئوية. ويبدو «طبيعياً» أن «الاتحاد العمالي» بلا عمال.
إلا ان لدى العمال.. لدى تلك القوة الجبارة التي ما تزال تتكل على الصدفة لتنهض، شعوراً مشتركاً أينما كانوا. لهم دين واحد يشعرون بالانتماء إليه كل من قوقعته. دينهم عِملَتُه الجوع والقهر، والعرق.
فللعمال، على ما هم عليه، في عيدهم تحية.
عماد الدين رائف

Comments