مجتمع مدني؟

في الخضوع لأحكامٍ مدنية، لا تستمد مشروعيتها إلا من المجتمع والأفراد والمؤسسات الاجتماعية، وليس من أي سلطة أخرى، سواء أكانت دينية أم مذهبية.. حلم. هو حلمٌ يرافق قارئ دراسة الزميل حبيب معلوف، يحدّده ضمن آليات للانتخاب والتمثيل والمحاسبة والتغيير.
يغوصُ معلوف في محاولة توحيد الرؤية بشأن مفهوم ومضمون «المجتمع المدني»، عبر الدراسة التي يعرضها في بيروت غداً، ضمن ورشة عمل بعنوان «أي مجتمع مدني نريد؟». الدراسة تنطلق من مدنيةٍ جامعة ذات بعد فلسفي خالٍ من الغرضية، في ظل قسوة المجتمعين العسكري، والأهلي - الطائفي - الرعوي، اللذين نرزح تحت وطأة «تجاربهما» محلياً وإقليمياً.
بين «المجتمع المدني» و«العسكري» الواقف على طرف نقيض.. وبين المنظمات الحقوقية التي تعتنق المدنية نهجاً لها، «نفهم بالمجتمع المدني، القطاع المتوسط بين الدولة والقطاع الخاص». ينأى معلوف إلى مجتمع «يعبّر عن مصالح من لهم مصلحة بالعيش في حياة كريمة».. ولا يدخل في تفاصيل الواقع المرّ الذي يشهده سوق الجمعيات، وإمكانيات الغربلة بين الوهمية منها وغير الوهمية، الناشطة منها وغير الناشطة، والبرامج والمشاريع ذات المهل المحددة والتمويلات المحدودة.. ووصولها أو عدم وصولها إلى أهدافها المرحلية أو البعيدة المدى.
ففي الدراسة يشكل المجتمع المدني ذاك الفضاء الواسع الذي يضم التنظيمات المجتمعية، مثل الجمعيات والنقابات والأحزاب ذات الطابع المدني، التي لا تسعى إلى السلطة. ويقوم بدور الرابط لصلات الاتصال والانفصال بينه وبين الدولة، أي بينه وبين أجهزة تسيير الحكم البيروقراطية والعسكرية.
الدراسة حجر آخر في بناء تراكمي لمفهوم المجتمع المدني.. حجر آخر، لكنه في المكان الصحيح.
عماد الدين رائف

Comments