بيت ريتا

ريتا فتاة معوقة ذهنياً وحركياً.. كانت في المستشفى لسبب طبي طارئ، أثناء صدور حكم «قاضي العَجَلة» بإخلائها وأمها، للبيت المستأجر فوراً. «انتهى عقد الإيجار والمالك لا يرغب بتجديده».
ريتا تحبُّ بيتها، على الرغم من مساحته الضيقة، التي لا تزيد عن خمسين متراً مربعاً، والرطوبة التي تغزوه.. فلا عقبات تعترض طريق كرسيها المتحرك فيه.. ومنه تصل بسهولة إلى «مركز المعوقين» القريب، حيث تتابع برامج خاصة تتعلق باحتياجاتها الإضافية.
ريتا تحب بيتها، لأنها لم تعرف سواه، فهو بيتها منذ 14 عاماً تشكل وعيها فيه، وحفظت زواياه وأركانه، وحفظ أحلامها وآمالها. البيت و«المركز» هما حياة ريتا.
لكن القاضي رآها قضية «عادية».. وأكثر من «عادية»، مع علمه باستحالة «خلق» بيت أرضي يتواءم مع احتياجات ريتا، تقدر أمها على دفع إيجاره.. فمع انتهاء عقد الإيجار يمكن للمالك أن يلجأ إلى القانون حين لا يرغب بتجديد العقد.. وأن يرسل بإنذار إلى المستأجر، بغض النظر عن حال المستأجر، وأن يرمي به في الشارع. كثيرة هي الحالات التي رُمي فيها مستأجرون في الشارع، واعتبرت «عادية».
رآها «عادية» بالرغم من «تعسف المالك في استخدام حقه»، حيث «لا حاجة فعلية» له في المأجور.. بالرغم من مرور 14 عاماً على صدور القانون 220/2000، والذي ضمن حق الشخص المعوق في السكن وفي احترام حاجاته، ووضع وزارة الشؤون الاجتماعية وصيّة على الأشخاص المعوقين. لكن أين هي وزارة الشؤون؟ ومن يحترم ريتا في وطن لا يحترم حاجات جميع أبنائه؟
منذ صدور القانون وريتا في ذلك البيت، ولا بيت لها غيره.. قريباً ستكون في الشارع، والقانون يحتاج إلى معجزة ليجد طريقه إلى التطبيق.
عماد الدين رائف

Comments