معايدة

بينما يُحجم ساسة البلاد عن تقبّل التهاني بالعيد "نظراً للأوضاع الحرجة التي يمرّ بها وطننا الحبيب"، يُعرَض ضمن "مهرجان بيروت الدولي للسينما"، مساء اليوم، فيلم يحمل عنوان "الرئيس"، يقال إنه مستوحى من "الربيع العربي"، للمخرج محسن مخملباف.. يفترض أن أحداثه تجري في بلادنا "المحروسة".
يروي الفيلم حكاية ديكتاتور، كأي ديكتاتور في منطقتنا، يثور عليه شعبه المدعوس، ويحقق "عيده" ولو إلى حين.. فيهيم الرئيس على وجهه برفقة حفيده ابن الخامسة. يتنكر بزي عازف موسيقي يجوب الأرياف، كي لا يُكشف أمره، فيتعرف إلى مدى الأذى الذي ألحقه بشعبه طيلة سنيّ حكمه "الأبدي".
"الثورات"، أبعدنا الله عنها، لا نصيب لنا بها.. فحتى عندما تَحَرَّكْنا كلاعنفيين بالآلاف، تحت عنوان: "إسقاط النظام الطائفي ورموزه"، حاصَرَنا أمراءُ الحروب، وزايدوا على شعاراتنا.. "وقعدوا معنا بالخندق". وضمنوا أن لا ثورة ولا من يحزنون. ونحن تراخينا ورضينا بالمكتوب "اللي ما في منّو مهروب".
عرضُ الفيلم، المتزامن مع العيد، لا يمسّ بواقع "مواطن" لا مال لديه فيُعَيِّد ولا طاقة لديه فيثور، فهو قانع بما قسمه الله له من نعمة صرف الوقت على تبويس أعتاب والي الطائفة، علّه يمن عليه بمكرمة.
وولاتنا، دام مجدهم، وإن كانوا لا يقبلون التهاني، إلا أنهم حريصون على مُعايدة اللبنانيين حرصَهم على التفرقة بينهم، مع أن الأوضاع أكثر من "حرجة". ويجب أن تبقى كذلك كي يبقوا المطمئنين المُعايدين.
إن أعاده الله علينا وعليكم، فسنكون قد انحدرنا أكثر إلى هاوية لا قرار لها.. وقد لا نحتاج إلى مُعايدة أخرى. أما فيلم المبدع مخملباف، فهو ككل حكايات رفع الظلم: مضيعة لوقتنا الثمين.
عماد الدين رائف

Comments